والأدعيةُ على أنواعٍ: منها ما ثَبَتَتْ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلّم فهي جائزةٌ كلُّها، كما صرَّح به في «البحر». وأمَّا التي كانت من تأليفه، ففيها تفصيلٌ من كونها تُشْبهُ كلام الناس، أو لا. وراجع تفصيله من الفقه. ثم إني أتعجَّبُ من المصنِّف أنه كيف تَرَكَ الصلاةَ على النبيِّ صلى الله عليه وسلّم ولم يُبَوِّبْ عليها، وبَلَغَ إلى الأدعية مع كون حديثها عنده في الأدعية، وهي سنةٌ عند الجمهور. وقال الطحاويُّ رحمه الله تعالى: تفرَّد الشافعيُّ رحمه الله تعالى في القول بافتراضها. فإِن قلتَ: إنه أشار به إلى خلاف الشافعيِّ رحمه الله تعالى، فإنها لا تَنْزِلُ عن السُّنية عند أحدٍ، فلا يُنَاسِبُ ترك ذكرها رأسًا. وبالجملة لم يتبيَّن لي وَجْهُهُ إلى الآن، ولعل الله يُحْدِثُ بعد ذلك أمرًا.
٨٣٢ - قوله:(يَدْعُو في الصَّلاةِ): أي في مواضع الأدعية المأثورة.
قوله:(من فِتْنَةِ المَسِيحِ الدَّجَّالِ)، ولم يكن يتبيَّن لي في التعوُّذ منها وجهٌ، فإنها في الحياة، حتى رأيت في «البدور السافرة» رواية: «أن من كان في قلبه بغضٌ من عثمان رضي الله تعالى عنه، فإنه لا يَأْمَنُ في قبره من فتنة الدَّجَّال»، فتبيَّن أن أثر تلك الفتنة تَسْرِي إلى القبور أيضًا، وحينئذٍ تبيَّن لي وَجْهُهُ ومن ههنا ظهر وَجْهُ القِرَان بين التعوُّذ من عذاب القبر، والتعوُّذ من تلك الفتنة. والمراد من فتنة المحيا: المعاصي، ومن الممات: سؤال النَّكِيرَيْن.
ويختارُ منها ما يكون أوفق لحاجته، والأحبُّ أن يختارَ الجوامع من الأدعية.
٨٣٥ - قوله:(السَّلامُ عليك أَيُّهَا النَّبِيُّ). واعلم أن النِّدَاءَ والخِطَابَ لاستحضار المنادي في ذهنه، سواء كان حاضرًا في الخارج، أو لا. ولذا غَايَرَ ابن الحاجب بين النداء والنُّدْبَة، وعرَّفها على حِدَةٍ.
١٥١ - باب مَنْ لَمْ يَمْسَحْ جَبْهَتَهُ وَأَنْفَهُ حَتَّى صَلَّى