٥٧٠٧ - قوله:(لا عدوى) واعلم أنَّ الأشاعرة زعموا أن العالم بأسره ذخيرة للأشياء الغير مرتبطة فقط، ليس فيه سببٌ، ولا مسبب، ولا تأثير، وأثر، وإنما حكم الناس بسلسلة التسبيب، نظرًا إلى القِران بين الشيئين فإذا نظروا إلى أن هذين الشيئين، يوجدان معًا على سبيل الأغلب، حكموا بكون واحد منهما سببًا، والآخر مُسببًا، فلا إحراق في النار، ولا إغراق في الماء، فكأنهم هدروا سلسلَة الأسبابِ كلها. وهذا ما في آخر سُلَّم العلوم، أن ترتُّبَ النتيجة عند الأشعري على سبيل العادة فقط، بدون تسبيب في نفس الأمر، حتى نُسب إليهم أنَّ من قال بالتسبيب فقد كفر، كذا في «روح المعاني».
قلتُ: ولا أظن بالأشعري أن يكون هدر سلسلَة الأسباب بأسرها، وإن نُسب إليه ذلك، فهو عندي من المسامحات في النقول وقال الشيخ الماتريدى: إن في الأشياء خواصٌّ، وهي مؤثرة بإِذن الله تعالى، والسببية والمُسبَّبية في الأشياء أيضًا من جعلِ الله تعالى، وهذا هو الصواب.
إذا علمت هذا، فاعلم أنهم اختلفوا في شرح الحديث، فقيل: إن نفي العدوى محمول على الطَّبع، أي لا عدوى بالطبع، أما بجعل الله تعالى فهو ثابت. وذكروا له شروحًا أخر أيضًا، والأصوب ما ذكره ابن القيم في «زاد المعاد»: أن العدوى المنفى، هو اتباع الأوهامِ فقط، بدون تسبيبٍ في البَيْن، كما يزعمه هنود أهل الهند. وترجمته على حسب مراده، اركر بيمارى لك جانا فلا عدوى عند الشرع وأما قوله:«ولا طِيرة»، فلكونه غير مفيد، لا يجلب شيئًا، ولا يرد شيئًا.
قوله:(لا هامة) الأصوب أن يُقرأ - بتخفيف الميم -: نوع من الطائر كان العربُ يزعَمون أنه إذا تصوت في موضعٍ يذره يَلْقَع، فرده الشرع أن هذا الزعم باطلٌ، ولا دخل له في العمارة والتَّخريب.