منهم اتفاقًا ثُمَّ دونت بعد، وكان عند التبع شاعرًا يرتجز بعد جميع الشُّعَرَاء، فالرَّجَز غير الشِّعر، ومن قال إنِّه شعر اعتبرَ القصدَ فيه، وارتجازه صلى الله عليه وسلّم لم يَكُنْ عن قَصْدٍ ولم يَثْبُتْ عنه الإِنشاء، نعم ثبت الإنشاد قليلا وربما نقضه أيضًا، فَأَنْشَدَ شِعْرَ شاعرٍ مَرَةً وَنَقَضَهُ، فقال أبو بكر رضي الله عنه: إنَّ الشِّعْرَ هكذا، فقال: «إني لست بشاعرٍ».
وثبت عنه هذا الشِّعر، وفي إسناده أئمة النَّحْو:
*تفاءَل بما تَهْوَى فلقلما ... يُقال لشيءٍ كان إلا تحققا
ثم إنَّهم اختلفوا أنَّه هل يجوز الاقتباسُ من القرآن كما في قوله:
*أيها النَّاسُ اتقوا ربَّكُم ... زَلزلةَ الساعةِ شيءٌ عظيمُ
*وَمَنْ يَتَقِ اللَّهَ يَجْعَل لَهُ ... ويَرْزُقْهُ من حيث لا يحتسبُ
فجوَّزَهُ الشافعية رحمهم الله تعالى، وفي ترجمة الحَمَوي أنَّه أنشأ بيتًا ثم تَرْدَّدَ فيه:
*وما حُسْنُ بيتٍ لَهُ زُخْرُفْ ... تَرَاهُ إذا زُلْزِلَتْ لم يَكُنْ
فجاء عند ابن دقيق العيد وكان جارًا له وأنشدَ عليه بيتَهُ، فَذَكَر أنَّ ابنَ دقيق العيد قال له قَبْلَ أَنْ يسأله، إنَّ الكهْفَ أولى من البيت هكذا:
وما حسن كهف له زخرف إلخ
فكأنه أجازه تلك الاقتباسات، وأضاف من جانبه اقتباسًا رابعًا مع إصلاح بيته، وقال الحافظ رحمه الله تعالى في رثاء شيخه:
*يا عينُ جُودِي لفقدِ البحْرِ بالدُّرَرْ ... واذر الدموعَ ولا تُبْقي ولا تَذَرْ
فهذه الصُّور كلُّها جائز عند الشافعية رحمهم الله تعالى.
قلتُ: وإني أخْشَى أَنْ أنْشُدَ بالقرآنِ بهذا النَّحْوِ مِنَ الحذف.
٤٩ - باب الصَّلَاةِ فِى مَرَابِضِ الْغَنَمِ
٤٢٩ - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِى التَّيَّاحِ عَنْ أَنَسٍ قَالَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّى فِى مَرَابِضِ الْغَنَمِ، ثُمَّ سَمِعْتُهُ بَعْدُ يَقُولُ كَانَ يُصَلِّى فِى مَرَابِضِ الْغَنَمِ قَبْلَ أَنْ يُبْنَى الْمَسْجِدُ. أطرافه ٢٣٤، ٤٢٨، ١٨٦٨، ٢١٠٦، ٢٧٧١، ٢٧٧٤، ٢٧٧٩، ٣٩٣٢ - تحفة ١٦٩٣
٥٠ - باب الصَّلَاةِ فِى مَوَاضِعِ الإِبِلِ
٤٣٠ - حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَيَّانَ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ قَالَ رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ يُصَلِّى إِلَى بَعِيرِهِ وَقَالَ رَأَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَفْعَلُهُ. طرفه ٥٠٧ - تحفة ٧٩٠٩