للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فعيل بمعنى مفعول، فإِذن هو وصفٌ لا حكمٌ وترجمته: "بهراهوا" ومآلُه إلى النجاسة. وعلى هذا يدور الحُكْم على هذا الوصف، فكلُّ ما يكون ركسًا يكون نجسًا.

وحينئذٍ يكونُ حجةً لنا على نجاسة الأزبال مطلقًا، سواء كانت لمأكول اللحم أو غيره، لأَنَّا علمنا العلَّة من جهة الشرع، وهي تصدُق على الأزبال فإنَّها ركسٌ، فتكون نجسًا لا محالة بخلاف الرجس فإِنَّه لا يفيدنا وإِنَّ كان صادقًا في نفسه، وذلك لكوزنه حكمًا على تلك الرؤية فيقتصر على مورده، ولم تعط فيها ضابطة من صاحب الشرع، لنستعمله في المواضع الأخر، بخلاف الركس فإِنَّه وصفٌ حِسِيٌّ، فيدور عليه الحُكْم حيثما دار.

ولعلَّ الرجس رواية بالمعنى، لأنَّ مآل الركس هو الرجس كما عَلِمْت. ثم إِنْ قلنا: إن الرجس أيضًا وصف بمعنى "بليدى" فهو وصفٌ غير منضبطٍ لأنه محوِّل إلى الطبائع ويحتاج إلى الاستقراء، فلم تتحصل منه ضابطة. نعم، لو كان الرجس منضبطًا لصلُح أن يُعلل به أيضًا. وفي رواية ابن خزيمة أنها كانت رَوْثة حمار. ونقله الشوكاني في «النيل» (١) وسهى فيه حيث جعله مرفوعًا فلا يبقى حجة لنا، لأنَّ معناه حينئذ أن كونه ركسًا ورجسًا لأجل كونه روثة حمار، وهو حيوانٌ غير مأكول اللحم، فلا يلزمُ منه نجاسةُ زِبْل مأكول اللحم، وهو في الحقيقة من جهة الراوي كما في «الفتح» فإِنه يذكرُ في بيان القِصة أنَّ الروثة التي جاء بها كانت روثةُ حمار، فهذا بيانُ واقعةٍ منه لا تعليل مِنَ النبي صلى الله عليه وسلّم فاحفظه. وقد تكلم ابن تيمية رحمه الله تعالى على المسألة في نحو خمسٍ وثلاثين ورقة واختار طهارة أزبالِ مأكول اللحم، وقد أَجبتُ عن كلامه في ورقة.

٢٢ - باب الْوُضُوءِ مَرَّةً مَرَّةً

١٥٧ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ تَوَضَّأَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - مَرَّةً مَرَّةً. تحفة ٥٩٧٦

٢٣ - باب الْوُضُوءِ مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ

١٥٨ - حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ عِيسَى قَالَ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى بَكْرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - تَوَضَّأَ مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ. تحفة ٥٣٠٤

وقد ثَبَت عنه صلى الله عليه وسلّم الوضوء مرة مرة، ومرتين مرتين، وثلاثًا ثلاثًا، إلا أنَّ السنة الكاملة ثلاثًا ثلاثًا. ثم لو تركه أحد يأثم أم لا؟ فهذه مسألة لا أتعرض إليها فإنَّه أمرٌ عظيم؛ نعم، أقول: إنَّ الترك بقدر ما تركه النبي صلى الله عليه وسلّم جائز، فإِن ترك التثليثَ واعتاد عليه، مُنِعَ.


(١) واعلم أن "نيل الأوطار" مأخوذ من أربعة كتب: "فتح الباري"، و"تلخيص الحبير"، و"مجمع الزوائد" و"شرح الترمذي" للعراقي. وقد استفاد شيئًا من الرضي. وقد وافقنا في المسألة ابن حزم، وقد عرف منه أن قلمه كسيف الحجاج. كذا في تقرير الفاضل عبد العزيز مما ضبطه من إملاء الشيخ رحمه الله تعالى زيادة.

<<  <  ج: ص:  >  >>