والخلاء، والخروج منها، وإيواؤه إلى فراشه ونومه ويقظته وغير ذلك.
فإذا كان حاله من نوع واحد فهو حال متشابه، وإذا نواردت عليه الأحوال واحدًا بعد واحد فهي الأحوال المتوارِدة، فالمراد من أحيانه وأحواله هي تلك الأحيان والأحوال، وأذكارها مبسوطة في كتب الحديث، وقد أُفرِد لها بالتصنيف أيضًا؛ وإلا فيُشْكِل على الإنسان تصوره وإمكانه، فإن من الأحيان دخولَه في الخلاء ومنها أوانُ تكلمه من غير الذكر، فكيف يَصْدُق أنه كان يذكر في كل أحيانه، فإنه يستلزم أن يكون معطلًا عن سائر الأفعال سواه. وتبيَّن مما قلنا أن أذكارها كانت مبسوطةً ومنسحبة على الأحوال المتواردة كما يُعْلَم بالمراجعة إلى حال الأدعية مع كونه ذاكرًا في عامة الأحوال المتشابهة أيضًا، أو يقال معنى قوله:«كان يذكر الله» أي لم يكون ممنوعًا عنه.
قوله:(ويدعون) واعلم أنَّه لا دعاء بعد صلاة العيدين، لأنَّ المطلوب ههنا اتصال الصلاة ولخُطبة، ولا ينفع فيه التمسك بالإطلاقات، وإنما يَسُوغ التمسك من الإطلاقات فيما لم تكن له مادة في خصوص المقام، وصلاته تلك لم تزل إلى تسع سنين، ولم يَنْقُل أحدٌ فيها الدعاء بعدها، فلا يصح فيها التسمك بالإطلاقات: كرفع اليدين في تكبيرات العيدين ثبت في الأحاديث في خصوص هذه الصلاة، فالتمسك على كراهته بقوله:«مالي أراكم رافعي أيديكم كأذناب خيلِ شمس» باطل، وكالجمع في عَرَفَة والمُزْدَلِفة، فإنه ثابت بأدلته، والتمسك بما يخالفه على نفيه باطل، وأمثلته غير قليلة.
قوله:(فإذا فيه) ... إلخ. وكتابة آية إلى كافر واسعة عندنا أيضًا.
قوله:(وقال الحكم) وفي «الهداية» في باب الأذان: أن الطهارة تُستحبُّ لكل ذِكرٍ، وذهب صاحب «البحر» إلى أن التيمم لمّا لم تُشْتَرَط له الطهارة مفيد مع وجدان الماء أيضًا، كتيممه صلى الله عليه وسلّم لردِّ السلام في رواية أبي الجُهَيم.
قوله:(ولا تأكلوا) ... إلخ. وفيه حكاية وهي أن الشافعية رحمهم الله تعالى أقاموا حفلة في زمن ابن سُرَيج الشافعي رحمه الله تعالى وتناجَوا من قبلُ أن يَسأل فيه سائل عن مسألة المُصَرَّاة لتظهر سخافة مذهب الحنفية، ففعل، فأجابه ابن سُرَيج أن فيها خلافًا بين أبي حنيفة رحمه الله تعالى وبين النبي صلى الله عليه وسلّم فأقام الحنفية بعدها حفلة أخرى لجوابهم وتناجَوا مثلهم لمثله، فسأل فيها سائل عن متروك التسمية عامدًا، فقام رجل وقال: فيه خلافٌ بين الإمام الشافعي رحمه الله تعالى وبين رَبِّ العزة. ولا حول ولا قوة إلا بالله.
٩ - باب الاِسْتِحَاضَةِ
٣٠٦ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ قَالَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ أَبِى حُبَيْشٍ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّى لَا أَطْهُرُ، أَفَأَدَعُ الصَّلَاةَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّمَا ذَلِكِ عِرْقٌ وَلَيْسَ بِالْحَيْضَةِ، فَإِذَا أَقْبَلَتِ الْحَيْضَةُ فَاتْرُكِى الصَّلَاةَ، فَإِذَا ذَهَبَ قَدْرُهَا فَاغْسِلِى عَنْكِ الدَّمَ وَصَلِّى». أطرافه ٢٢٨، ٣٢٠، ٣٢٥، ٣٣١ - تحفة ١٧١٤٩