(٢) قلتُ: وسمعتُ من الشيخِ: أنَّ مَنِ ابْتُلِيَ بمثلِهِ، فَقَتَلَ الزَّاني لا يُؤَاخَذُ به عند رَبِّهِ، ويُبَاحُ له أَنْ يَقْتُلَه فيما بينَهُ وبينَ اللهِ عزَّ وَجَلَّ، وإِنْ كان حُكْمُ القَضَاءِ القِصَاص، إذا لم يأتِ عليه بِبَيِّنةٍ، وبذلك صَرَّح النَّوويُ مِنْ مَذْهَبِهِ في "شرح مسلم" -في باب اللعان ص ٤٨٨ - ج ١. وقال الخَطَّابي: قد اخْتَلَفَ الناسُ في هذه المسألةِ، فكان عليّ بنُ أبي طالب كَرَّمَ اللهُ تعالى وجهَهُ، يقولُ: "إن لم يأتِ بأربعةِ شُهداء أُعطِيَ برْمَتَهُ"، أي أُقيدَ بهِ؛ ورويَ عَنْ عمرِ بنِ الخَطَّاب أنَّه أَهْدَرَ دَمَهُ، ولم يَرَ فيه قِصَاصًا. قلتُ: ويُشْبِه أَنْ يكونَ إِنَّما رَأَى دَمَهُ مباحًا فيما بينَهُ وبينَ اللهِ عزَّ وَجلَّ إذا تَحقَّقَ الزِّنا مِنه فِعْلًا، وكان الزَّاني مُحْصَنًا، وذَكرَ الشافعيُّ حديثَ عليٌ، ثُمَّ قال: "وبهذا نَأخُذ، غَيرَ أَنَّه قال: وَيَسَعُهُ فيما بَينَهُ وبَين اللهِ عزَّ وجلَّ، قَتْلَ الرَّجُلِ وامرأتُه إذا كانا ثَيِّبَيْنِ، وعَلِمَ أَنَّهُ قد نَالَ منها ما يُوجِبُ الغُسْلَ، ولا يَسقُطُ عنه القَوَدُ في الحُكم، وكذلك قال أبو ثور. وقال أحمدُ بن حنبل: إِنْ جاء بِبَيِّنَةٍ أَنَّه قد وجدَهُ مع امرأتِه في بَيتِهِ، فَقَتَلَهُ، يُهْدَرُ دمُه، وكذلك قال إسحاق، اهـ: ص ١٩، وص ٢٠ - ج ٤. "معالم السنن".