يَزِيدَ - رضى الله عنه - حَدَّثَهُ قَالَ بَايَعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنَا وَأَبِى وَجَدِّى وَخَطَبَ عَلَىَّ فَأَنْكَحَنِى وَخَاصَمْتُ إِلَيْهِ، - وَ- كَانَ أَبِى يَزِيدُ أَخْرَجَ دَنَانِيرَ يَتَصَدَّقُ بِهَا فَوَضَعَهَا عِنْدَ رَجُلٍ فِى الْمَسْجِدِ، فَجِئْتُ فَأَخَذْتُهَا فَأَتَيْتُهُ بِهَا فَقَالَ وَاللَّهِ مَا إِيَّاكَ أَرَدْتُ. فَخَاصَمْتُهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «لَكَ مَا نَوَيْتَ يَا يَزِيدُ، وَلَكَ مَا أَخَذْتَ يَا مَعْنُ». تحفة ١١٤٨٣
وفي «الهداية»: أن التصدق على ابنه لا يُعتبر، وراجع كلامَه للفرق بين الغنى، والابن. والفرقُ عندي أنهم أداروا الفقر والغنى، على العلم فقط، دون الواقع بخلاف تحقيق الأصول والفروع، فإنهم فهموا أنه لا تعسُّر في معرفتهم، فينبغي أنْ يُدار على الواقع، وإنما يُقطعُ النظرُ عن الواقع، ويُدار على العلم فيما تعسر الاطلاع على حقيقته. ولما كان المتصدَّقُ عليه ابن الرجل، أو أباه لم يتعسر له تحقيق الواقع؛ فأديرَ الأمرُ عليه، ولذا لم يعتبروه إذا ظهر أنه ابنه.
أما المصنف رحمه الله فذهب إلى الاطلاق، فلعله لا فرقَ عنده في الصورتين. أما الحديث فلا يردُ على الحنفية، لأنه لا دليلَ فيه على أن صدقته كان فريضة، أو نافلة، فإن كان الثاني فلا تُنكره أيضًا، كما عرفت آنفًا. ثم لا بد له أن يعتبرَ التَّحري، وإن لم يذكره في اللفظ، فإن إضاعَته تُوجب إلفاءَ قيد الفقر المنصوص، فإنَّه إن كان التصدقُ جائزًا على الغني تحرى بكونه فقيرًا، وإلا لزمَ أن لا يكون الفقرُ شرطًا، وتصح الزكاة للفقير وغيره سواء، وهذا بالطلٌ قطعًا، فقيدُ التَّحري وإن لم يكن مذكورًا في عبارة المصنف رحمه الله، لكنه لا بدَّ منه.
والحاصل: أن المصنف رحمه الله ذهب إلى التوسيع، ولم يفرق بين الغني، وبين الأصول والفروع، ثم ينبغي للأصوليين أن يُمعِنُوا أنظارهم في هذا الحديث، أنه هل يفيدُ جواز المشي على التَّحري عند إبهام الحال أم لا؟ واختلفوا في القبلة عند عدم التَّبيُّن، أنها جهة التَّحري، أو الكعبة شرفها الله تعالى. وثمرتُه تظهرُ فيما إذا ظهر الخطأَ بعد الصلاة، فذهب جماعة ممن قال: إنها الكعبة شرفها الله تعالى، إلى أنه يُعيدها، ومن قال: إنها جهة التَّحري، ذهب إلى أنه لا يعيدها، والأول منسوب إلى المالكية.
١٤٢٢ - قوله:(لك ما نويت) فيه تقسيمه على الجهات، كما فعل في التصدق على القريب، حيث اعتبر فيه الجهتان، فجعل فيه أجران: أجرُ التصدق، وأجرُ صِلة الرَّحم، وهذا من علوم النُّبوة.