صلَّيت بسبح اسم ربك الأعلى ... » الخ أمَّا أنا، فلا أرى فرقًا بين الفاتحة والسورة في سِيَاق الأحاديث، غير أن الفاتحة واجبةٌ عينًا، والسورة واجبةٌ بدلا إلا أن من صَرَفَ جميع همته في إثبات الركنية للفاتحة فَتَرَ في إثبات الوجوب للسورة، ولم يَسَعْ له غير السنية، فإن لكل شِرَةٍ فَتْرَة.
٦١ - باب تَخْفِيفِ الإِمَامِ فِى الْقِيَامِ وَإِتْمَامِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ
أراد أن ينبِّه على محل التخفيف، وهو القيام، فيطوِّلُ فيه ويَقْصُرُ بِحَسَبِ التارات والحالات. أمَّا الرُّكوع والسجود، فَيُتِمُّهُمَا في كل حال.
قلتُ: ويُعْلَمُ من سنة النبيِّ صلى الله عليه وسلّم وهديه أنه كان لركوعه وسجوده مقدارًا محدودًا، بخلاف القيام فإنه كان يَخْتَلِفُ باختلاف الأحوال. ثم إن هذا في الفرائض، بقيت صلاة الليل، فكان ركوعها وسجودها وقيامها كلها غير منتظمةٍ، لأنها كانت صلاته لنفسه، والرجل مخيَّرٌ فيها.
مسألة: تردَّد في «البحر» فيمن يَقْدِرُ أن يصلِّي قائمًا منفردًا وبالجماعة قاعدًا، أيُّهما أفضل له؟ قلتُ: وعندي الأفضل هو الثاني لما عند أبي داود «أن المرضى في عهده صلى الله عليه وسلّم كان يُؤْتَى بهم إلى المساجد».
٧٠٢ - قوله:(من أجل فلانٍ مِمَّا يُطِيلُ بنا) قيل هو مُعَاذ رضي الله عنه، وقيل هو أُبَيّ رضي الله عنه، لأنها واقعة الفجر، وتطويل مُعَاذ رضي الله عنه كان في العشاء، ومن يراهما متحدين يلتزم أن مُعَاذًا رضي الله عنه طوَّل فيهما. ومن جعلها قصة أُبَيّ رضي الله عنه، ثم رأى جملة:«فإن منكم مُنَفِّرين ... » الخ في حديث مُعَاذ رضي الله عنه، حكم بكونها وَهْمًا في حديثه. وصنيع البخاري يَدُلُّ على أنها ثابتة فيهما عنده، وخالفه الحافظ رحمه الله تعالى، وقال: إنها وَهْمٌ في قصة مُعَاذ رضي الله عنه.