قوله: (عما ترى) أي بعد النجاة إلى الآن.
قوله: (لا غنى بي عن بركتك) ما ألطفَ جوابَه وأملحه لفظًا، وأعمق معنىً، وأليق شأنًا، فهذا لا يمكن إألا ممن اصطفاهم الله لنفسه. ومثله جواب موسى عليه السلام حين ناداه ربه: {خُذْهَا وَلَا تَخَفْ} [طه: ٢١] فجعل موسى يَلُفُّ ثوبًا على يده ويَمُدُّ إليها يده ليأخذها، فنُودي أَلا تعتمد علينا قال: بلى، ولكني بَشَرٌ خُلِقْتُ من ضعف. وكجواب إبراهيم خليل الله عليه الصلاة والسلام قال: {بَلَى وَلَكِن لّيَطْمَئِنَّ قَلْبِى} [البقرة: ٢٦٠]. فهؤلاء الأنبياء عليهم السلام يُلْهَمون جوابَهم من جهته تعالى، وإلا فَمن يتكلم بين يديه إلا من بعد إذنه.
٢١ - باب التَّسَتُّرِ فِى الْغُسْلِ عِنْدَ النَّاسِ
يعني لا بأس بالغُسل بينهم إذا كانت له سُترة تستره عن أعين الناس.
وحاصل المسألة عندي: أنَّ التسترَ في الفضاء مطلوب ولو بثوب، ولا أقلَّ من خطٍ، وإن لم يفعل وأَمِن المرور لا بأس، أما في المُسْتَحِمّ والمُغْتَسَل - كما في زماننا - فلا بأس بالغُسل عُريانًا.
٢٨٠ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ أَبِى النَّضْرِ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ أَنَّ أَبَا مُرَّةَ مَوْلَى أُمِّ هَانِئٍ بِنْتِ أَبِى طَالِبٍ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ أُمَّ هَانِئٍ بِنْتَ أَبِى طَالِبٍ تَقُولُ ذَهَبْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَامَ الْفَتْحِ، فَوَجَدْتُهُ يَغْتَسِلُ وَفَاطِمَةُ تَسْتُرُهُ فَقَالَ «مَنْ هَذِهِ». فَقُلْتُ أَنَا أُمُّ هَانِئٍ.
أطرافه ٣٥٧، ٣١٧١، ٦١٥٨ - تحفة ١٨٠١٨
٢٨٠ - قوله: (فوجدته يغتسل) وفي الروايات أنَّه صلى ثمان ركعات، وفي ابن ماجه تصريح بكون التسليمتين على كل ركعتين ثم إنها كانت صلاة الضحى أو شكرًا للفتح ووافق وقتها فلينظره.
٢٨١ - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِى الْجَعْدِ عَنْ كُرَيْبٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ مَيْمُونَةَ قَالَتْ سَتَرْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ يَغْتَسِلُ مِنَ الْجَنَابَةِ، فَغَسَلَ يَدَيْهِ ثُمَّ صَبَّ بِيَمِينِهِ عَلَى شِمَالِهِ، فَغَسَلَ فَرْجَهُ، وَمَا أَصَابَهُ، ثُمَّ مَسَحَ بِيَدِهِ عَلَى الْحَائِطِ أَوِ الأَرْضِ، ثُمَّ تَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ، غَيْرَ رِجْلَيْهِ، ثُمَّ أَفَاضَ عَلَى جَسَدِهِ الْمَاءَ، ثُمَّ تَنَحَّى فَغَسَلَ قَدَمَيْهِ. تَابَعَهُ أَبُو عَوَانَةَ وَابْنُ فُضَيْلٍ فِى السَّتْرِ. أطرافه ٢٤٩، ٢٥٧، ٢٥٩، ٢٦٠، ٢٦٥، ٢٦٦، ٢٧٤، ٢٧٦ - تحفة ١٨٠٦٤ - ٧٩/ ١
٢٨١ - قوله: (تابعه أبو عَوَانَة) هو وَضَّاح بن يَشْكُر (وابن فُضَيل) اسمه: محمد.
٢٢ - باب إِذَا احْتَلَمَتِ الْمَرْأَةُ
٢٨٢ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّهَا قَالَتْ جَاءَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ امْرَأَةُ