أمَّا المحدِّثون، فهم فيه على فرقتين: منهم من أَنْكَرَ قيام الحوادث بالباري تعالى، ومنهم من أقرَّه. بقي المتكلِّمون، فاتَّفَقُوا على إنكاره، وهو المذهبُ الأسلمُ والأحكمُ.
والذي تلخَّص من مذهب المصنِّف: أن الذاتَ، وصفاتَه السبع، والتكوين كلَّها قديمٌ. بَقِيَتِ الأفعالُ الجزئيةُ، كالنزول، والضحك، وأمثالهما، فهي قائمةٌ بالباري تعالى، وحادثةٌ عنده. وتكل مُنْفَصِلَةٌ عند المَاتُرِدِيَّةِ.
٣٤ - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى:{أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلَائِكَةُ يَشْهَدُونَ}[النساء: ١٦٦]
فالإِنزالُ صفةٌ للباري تعالى، وليس بمخلوقٍ، مع كونه حادثًا. وفيه إشارةٌ إلى أني أؤمِنُ بكون القرآن كلامَه تعالى، وهو الجزءُ الأوَّلُ من مَلْحَظَيْهِ، أعني كون القرآن صفةً تعالى، والواردُ عليه هو فعلُنا، وهو مخلوقٌ حادثٌ، وهو الجزءُ الثاني.