والضابطة (١) فيه عندنا أنه لا يجوزُ الجَمْع بين كلِّ امرأتين لو فُرِضت إحداهُما ذَكَرًا لم تحِلّ لها النِّكاح بالأُخْرى، ويُشْترطُ ذلك أن يتصوّر من الطرفين. وأورد عليه ابن القَيِّم في «أعلام الموقعين» قال: وهي زيادةٌ على الكتاب من خَبرِ الواحد. وهو ساقِطٌ عندي، لأنَّ هذا مَجْمعٌ عليه فلم يبقَ خبرًا واحدًا. وقد مرَّ أنَّ خَبر الواحِدُ عِند المُحدِّثين ما كان له سَنَدٌ دون المشهور، وعند الأصوليين هو ما لم يُتلقَ بالقَبول في عهد السَّلف، فإِن تُلقِي فهو مشهورٌ. فهم قَسَمُوا الخبرَ باعتبار التلقِّي وعدمِه، فبالتلقي يصيرُ الخبرُ عندهم مشهورًا، فتجوز به الزيادةُ على الكتاب، على أنه متواترٌ عَملًا وإن لم يكن متواترًا سندًا، لأنَّ السند عبارةٌ عمن عمن، وفي تواتر الطبقة يكون أَخْذ الطبقة عن الطبقة، وثالثًا أنه ليس من باب الزيادةِ، بل تنقيحٌ للمناط، لقوله:{وَأَن تَجْمَعُواْ بَيْنَ الأُخْتَيْنِ} فافهم.
٢٨ - باب لَا تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ عَلَى عَمَّتِهَا
٥١٠٨ - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا عَاصِمٌ عَنِ الشَّعْبِىِّ سَمِعَ جَابِرًا رضى الله عنه قَالَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ تُنْكَحَ الْمَرْأَةُ عَلَى عَمَّتِهَا أَوْ خَالَتِهَا. وَقَالَ دَاوُدُ وَابْنُ عَوْنٍ عَنِ الشَّعْبِىِّ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ. تحفة ٢٣٤٥، ١٣٥٣٩
(١) ذكرها في "المعتصر"، وقد ذكرها فقهاؤنا، قال بعد رواية الحديث في ذلك: لأنَّ كلَّ واحدة منهما لو كانت رَجُلًا لم يحِل له التزوُّجُ بالأُخرى، فلم يصلح أن يَجْمع بينهما بتزويج. وذهب بعضٌ إلى أنَّ معنى الجَمْع بين العَمَّتين، وبين الخالتين إنما كان لأن إحداهما سُمِّيت باسم الأُخرى بالمجاورة. كما قيل: العُمران لأبي بكر وعمر، ولا يُحْمل الكلامُ على هذا إلا عند الضرورةِ إليه، ولا ضرورة، وقد رُوي عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أنه نهى أن تُنْكح المرأةُ على عَمتها أو على خالتها؛ ونهى أن تُنكح على ابنة أخيها، وابنة أختها؛ نهى أن تنكح الكُبْرى على الصُّغرى، أو الصغرى على الكبرى. ومعنى ذلك عندنا - والله أعلم - على الكُبرى وعلى الصّغرى في النَّسب، كما قيل في الولاء: الولاء لكبر، يراد بذلك الكُبر في النَّسَب.