للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أما كفر الإنكار: فهو أن يكفر بقلبه، ولسانه، ولا يعتقد بالحق، ولا يقر به.

وأما كفر الجحود: فهو أن يعرف الحقَ بقلبه، ولا يُقرُ بلسانه، ككفر إبليس، وهو قوله تعالى: {فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ} [البقرة: ٨٩] يعني كفرُ الجحود.

وأما كفرُ المعاندة: فهو أن يعرفَ بقلبه، ويقرَّ بلسانِهِ، ولا يقبلُ ولا يتدينُ به، ككفرِ أبي طالب.

وأما كفرُ النِّفاق، فبأن يقرَّ بلسانِهِ، ويكفرَ بقلبه.

١ - باب قَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلّم: «بُنِيَ الإِسْلامُ عَلَى خَمْسٍ»

وَهُوَ قَوْلٌ وَفِعْلٌ، وَيَزِيدُ وَيَنْقُصُ، قَالَ اللهُ تَعَالَى: {لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ} [الفتح: ٤]، {وَزِدْنَاهُمْ هُدًى} [الكهف: ١٣]، {وَيَزِيدُ اللهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى} [مريم: ٧٦]، {وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ (١٧)} [محمد: ١٧]، {وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانًا} [المدثر: ٣١]، وَقَوْلُهُ: {أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَانًا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا} [التوبة: ١٢٤]، وَقَوْلُهُ جَلَّ ذِكْرُهُ: {فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا} [آل عمران: ١٧٣]، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا} [الأحزاب: ٢٢]، وَالْحُبُّ فِى اللَّهِ وَالْبُغْضُ فِى اللَّهِ مِنَ الإِيمَانِ.

وَكَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ إِلَى عَدِىِّ بْنِ عَدِىٍّ: إِنَّ لِلإِيمَانِ فَرَائِضَ وَشَرَائِعَ وَحُدُودًا وَسُنَنًا، فَمَنِ اسْتَكْمَلَهَا اسْتَكْمَلَ الإِيمَانَ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَكْمِلْهَا لَمْ يَسْتَكْمِلِ الإِيمَانَ، فَإِنْ أَعِشْ فَسَأُبَيِّنُهَا لَكُمْ حَتَّى تَعْمَلُوا بِهَا، وَإِنْ أَمُتْ فَمَا أَنَا عَلَى صُحْبَتِكُمْ بِحَرِيصٍ، وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ: {وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي} [البقرة: ٢٦٠].

وَقَالَ مُعَاذٌ: اجْلِسْ بِنَا نُؤْمِنْ سَاعَةً.

وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: الْيَقِينُ الإِيمَانُ كُلُّهُ.

وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: لَا يَبْلُغُ الْعَبْدُ حَقِيقَةَ التَّقْوَى حَتَّى يَدَعَ مَا حَاكَ فِى الصَّدْرِ.

وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {شَرَعَ لَكُمْ} [الشورى: ١٣]، أَوْصَيْنَاكَ يَا مُحَمَّدُ وَإِيَّاهُ دِينًا وَاحِدًا.


= بخلاف ما فسَّرَه الصحابة والتابعون، وأجمعت عليه الأمة، فهو الزِّنديق، كما إذا اعترف: بأن القرآنَ حقٌ، وما فيه من ذكرِ الجنة والنار حقٌ، لكن المرادَ بالجنةِ الابتهاجُ الذي يحصُلُ بسبب المَلَكات المحمودة، والمراد بالنار هي الندامة الي تحصل بسببِ المَلَكات المذمومة، وليس في الخارج جنةٌ ولا نارٌ، فهو الزنديق. أو قال: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - خاتَم النبوة، ولكن معنى هذا الكلام أنه لا يجوز أن يُسمّى بعده أحد بالنبي، فذلك هو الزنديق. وقد اتفق جماهير المتأخرين من الحنفية والشافعية على قتل من يجري هذا المجرى، كذا في "المسوى" مختصرًا. ومن ههنا تبين وجه إكفار زنديقُ القاديان الذي ادّعى النبوة. وممن شاء التفصيل فليرجع إلى رسالة الشيخ الإمام "إكفارُ الملحدين"، فإنه بسط فيها تلك المسألة بما لا مزيد عليه، والله تعالى أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>