ما حمله على هذا التأويل إلا استبعادُه سجودَ الشمس كلَّ يوم، والأمر ما عَلِمت.
بقي حديث سجود الشمس، أنها تذهب كلَّ يوم تَحْت العرش، وتستأذِنْ رَبَّها للسجود، فيؤذن لها، حتى إذا قَرُبت القيامةُ لا يؤذن لها، ويقال لها: اطلعي من حيث أتيت، وحينئذٍ تَطْلُع من مَغْرِبها، وذلك هو مستقرُّها، فهو نوع من الاقتباس عندي. فاسمع لذلك مني مقدّمةً، وهي أن الحديث إذا التقى مع الآية في موضع، لا يكون منه شَرْحُه اللفظي، وتفسيرُه على نحو ما شاع عندنا من بيان معانيه، ومباحثه خاصّة، بل قد يكون ذلك نحوًا من الاقتباس فقط، وهذا مليح جدًا. فإِنَّ الإِنسان إذا انتقل من الحديثِ إلى الآية بنحوِ مناسبةٍ يرتاح قلبُه، وتستلذ به نَفْسُه. فلم يَقْصِد في حديث السجود شَرْحَ قوله:{تَجْرِي} لينطبق عليه حَذْوًا بحذو، ولكنه نَوْعُ اقتباسٍ. فما اختاره البيضَاويُّ يحوم حولَ الصواب إن شاء الله تعالى، وراجع «روح المعاني».
[فائدة]
واعلم أنَّ عُلوم الصوفيةِ إنما تهتز لها النَّفْس، لأنها تُؤخذ من الإِحساسات الخارجية والمواجيد الصحيحة، فتؤثر في القلوب أَثَر السهام، بخلاف علوم العلماء، فإنها تُبْنى على الدلائل العقلية الصِّرفة، فكثيرًا ما تحتوي على الأغلاط.