للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٢٣١١ - قوله: (ذَاكَ شَيْطَانٌ)، والشيطانُ يُطْلَقُ على الجِنِّ (١) أيضًا، كما يُعْلَمُ من القرآن، وفي بعض الروايات (٢): «أنه كان ذا شعرٍ كثيرٍ، فأخذه أبو هُرَيْرَة، وسأله عمَّن هو؟ فقال: أنا جِنِّيٌّ». وراجع له «آكام المرجان في أحكام الجان»، وكان هذا الجنيُّ من جنِّ نَصِيبين (٣)، كما في بعض الروايات. ثم إن هذا المالَ كان صدقةَ الفِطْرِ، فهل تَسْقُطُ الصدقةُ بأخذ الجنِّ؟.

قلتُ: ولمَّا كانت هذه الواقعةُ في عهد النبوَّة على طريق خَرْقِ العادة، فلا ينبغي أن تُبْنَى عليها المسائل، مع أن أبا هريرة لم يَطَّلِعْ عليه إلا بعد ما أخبره النبيُّ صلى الله عليه وسلّم أنه جِنٌّ. وقد أَخْفَاهُ هو أيضًا إلى يومين، حتَّى ظنَّه أبو هريرة ذا حاجةٍ من الناس، مَصْرِفًا للصدقة، فكان يُغْمِضُ عنه على علمٍ منه أنه فقيرٌ، أو مسكينٌ. وحينئذٍ فقصرها على موردها أَوْلَى.

نصيبين: وهي عند حرَّان، والموصل في شرق الشام، معدن السِّحْر. ومن ههنا تعلَّم الفارابي الفلسفة. وأظنُّ أنه تكون فيها جماعةٌ من الجِنِّ، وقد ذكر هذا الجِنُّ: أن الناسَ كانوا يَضْرِبُون لنا سهمًا أيضًا، وقد تَرَكُوا ذلك منذ بُعِثَ هذا الرجلُ - يريد به النبيَّ صلى الله عليه وسلّم - فإِذن ليس لنا من السرقة بُدٌ.

١١ - باب إِذَا بَاعَ الْوَكِيلُ شَيْئًا فَاسِدًا، فَبَيْعُهُ مَرْدُودٌ

٢٣١٢ - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ صَالِحٍ حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ - هُوَ ابْنُ سَلَاّمٍ - عَنْ يَحْيَى قَالَ سَمِعْتُ عُقْبَةَ بْنَ عَبْدِ الْغَافِرِ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِىَّ - رضى الله عنه - قَالَ جَاءَ بِلَالٌ إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - بِتَمْرٍ بَرْنِىٍّ فَقَالَ لَهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «مِنْ أَيْنَ هَذَا». قَالَ بِلَالٌ كَانَ عِنْدَنَا تَمْرٌ رَدِىٌّ، فَبِعْتُ مِنْهُ صَاعَيْنِ بِصَاعٍ، لِنُطْعِمَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عِنْدَ ذَلِكَ «أَوَّهْ أَوَّهْ عَيْنُ الرِّبَا عَيْنُ الرِّبَا، لَا تَفْعَلْ، وَلَكِنْ إِذَا أَرَدْتَ أَنْ تَشْتَرِىَ فَبِعِ التَّمْرَ بِبَيْعٍ آخَرَ ثُمَّ اشْتَرِهِ». تحفة ٤٢٤٦

١٢ - باب الْوَكَالَةِ فِى الْوَقْفِ وَنَفَقَتِهِ، وَأَنْ يُطْعِمَ صَدِيقًا لَهُ وَيَأْكُلَ بِالْمَعْرُوفِ

٢٣١٣ - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرٍو قَالَ فِى صَدَقَةِ عُمَرَ - رضى


(١) ورَاجِعْ لتحقيق إبليس، ولمباحث الجن "عمدة القاري" و"فتح الباري".
(٢) أخرج العينيُّ برواية الحاكم، وابن حِبّان، عن أبيِّ بن كعب، وفيه: "فإذا هو بدابةٍ شبه الغلام المحتلم، قال: فسلّمْتُ، فرد عليَّ السلامَ، قال: فقلت: أنت جِنَّيٌّ أم إنسيٌّ؟ قال: جني قال: قلتُ: نَاوِلْني يدَك، قال: فناولني، فإذا يده يد كلبٍ، وشعر كلب. فقلت: هكذا خلق الجن. قال: لقد علمت الجن ما فيهم أشد مني" ... إلخ، وقد أخرج هذه الأحاديث القاضي بدر الدين أبو عبد الله محمد الشِّبْلي في كتابه "آكام المرجان" مبسوطةً، فراجعها.
(٣) أخرج العينيُّ برواية الطبراني عن مُعَاذ حديث الجنيِّ بطوله، وفيه: "فقال: إني شيطانٌ ذُو عِيَالٍ، وما أتيتكَ إلَّا من نَصِيبِين، لو أصَبْتُ شيئًا دونه ما أتيتكَ. ولقد كنَّا في مدينتكم هذه حتى بُعِثَ صاحبكم، فلمَّا أُنْزِلَ عليه آيتان أنْفَرَتَانَا منها، فوقعنا بنَصِيبِين، ولا تُقْرَآن في بيت إلَّا لم يَلِجْ فيه الشيطان ثلاثًا" ... إلخ.

<<  <  ج: ص:  >  >>