واعلم أن المُجتَهِدين لم يكونوا برآءَ من الغَلَظ، فاحتوى عِلْمُهِم على الصوابِ والخطأ من الأَصْل؛ نعم كانت علومُ الأنبياء عليهم السلام صِدْقًا مَحْضًا، لا تشوبُها رائحةٌ من الكِذب، لكنَّ الرِّزِيَّة، حيثُ لم تِنْقل إلينا على طرفتها، واختَلَط فيها الرواةُ، كما قيل.
*هم نقلوا عني الذي لم أفه به ... وما آفةُ الأَخْبارِ إلَّا رُوَاتُها
ولكنَّ اللهَ تعالى خَلَق أقوامًا بيَّنُوا أغلاطَهم، ونبهوا على أوهامهم. فيمزوا المخيض عن الرغوة، فجزاهم الله تعالى خيرًا، ولولاهم لبقينا في ظُلْمةٍ وحَيْرَة.