للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

تعرَّض إلى تفسير الآية الثانية التي فيها ذِكْرُ وَلاء المُوَالاة، أو تلك المُؤَاخَاة العارضة، فقال: إن تلك المُعَاقدةَ منسوخةٌ إلا في ثلاثة مواضع، وهي: النَّصْرُ، والرِّفَادَةُ، والنَّصِيحَةُ.

قوله: (وقَدْ ذَهَبَ المِيرَاثُ)، أي الميراث بين العاقدين. فالمعنى: أن تلك الآيةَ منسوخةٌ في بعض جزئياتها، وهي: الميراثُ، فلا ميراثَ بين العَاقِدَيْن. ومُحْكَمَةٌ في بعضها، وهو: النَّصْرُ، والرِّفَادةُ، والنصيحةُ، فهي واجبةٌ بين العاقدين، وغيرهما في كلِّ حال. وهذا الذي كُنْتُ أقولُ: إنه ثَبَتَ عندي بالاستقراء أنه مَا مِنْ آيةٍ إلا وهي مُحْكَمَةٌ في بعض الجزئيات، كما مرَّ تقريره في الصيام. لا أريد به بقاء ترجمته بعينها في الحكم، بل أُرِيدُ به بقاء جنس الحكم في جزئي من الجزئيات. فلا أَعْرِفُ آيةً من الآياتِ المنسوخةِ التي لا يكون لها نفعٌ أصلا، ولا أقل من أنها تبقى تِذْكَارًا لذلك الجنس. ثم إنهم ذَكَرُوا معنى الموالي نحو عشرين، وليس بشيءٍ، فإن معناه: القدر المُشْتَرَك بينها، فلمَّا لم يُدْرِكُوه، جعلوا كلا منها معنىً على حدة. وراجع سياقه من باب الفرائض، فإنه أوضح (١).

٣ - باب مَنْ تَكَفَّلَ عَنْ مَيِّتٍ دَيْنًا، فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ

وَبِهِ قَالَ الْحَسَنُ.

٢٢٩٥ - حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِى عُبَيْدٍ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ - رضى الله عنه - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - أُتِىَ بِجَنَازَةٍ، لِيُصَلِّىَ عَلَيْهَا، فَقَالَ «هَلْ عَلَيْهِ مِنْ دَيْنٍ». قَالُوا لَا. فَصَلَّى عَلَيْهِ، ثُمَّ أُتِىَ بِجَنَازَةٍ أُخْرَى، فَقَالَ «هَلْ عَلَيْهِ مَنْ دَيْنٍ». قَالُوا نَعَمْ. قَالَ «صَلُّوا عَلَى صَاحِبِكُمْ». قَالَ أَبُو قَتَادَةَ عَلَىَّ دَيْنُهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَصَلَّى عَلَيْهِ. طرفه ٢٢٨٩ - تحفة ٤٥٤٧

٢٢٩٦ - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا عَمْرٌو سَمِعَ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِىٍّ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهم - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لَوْ قَدْ جَاءَ مَالُ الْبَحْرَيْنِ، قَدْ أَعْطَيْتُكَ هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا». فَلَمْ يَجِئْ مَالُ الْبَحْرَيْنِ حَتَّى قُبِضَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَلَمَّا جَاءَ مَالُ الْبَحْرَيْنِ أَمَرَ أَبُو بَكْرٍ فَنَادَى مَنْ كَانَ لَهُ عِنْدَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - عِدَةٌ أَوْ دَيْنٌ فَلْيَأْتِنَا. فَأَتَيْتُهُ، فَقُلْتُ إِنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ لِى كَذَا وَكَذَا، فَحَثَى لِى حَثْيَةً فَعَدَدْتُهَا فَإِذَا هِىَ خَمْسُمِائَةٍ، وَقَالَ خُذْ مِثْلَيْهَا. أطرافه ٢٥٩٨، ٢٦٨٣، ٣١٣٧، ٣١٦٤، ٤٣٨٣ - تحفة ٢٦٤٠، ٢٥٤١


(١) راجعت سياقه من كتاب الفرائض هكذا: عن ابن عباس {وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ .. وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ}، قال: كان المهاجرون حين قَدِمُوا المدينةَ يَرِثُ المهاجريُّ الأنصاريَّ -وفي نسخةٍ: الأنصاريَّ المهاجريُّ، وهذه أوضح- دون ذوي رحمِهِ، للأخُوَّة التي آخى النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بينهم، فلمَّا نزلت: {وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ}، قال: نَسَختْهَا {وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ}. قال المُحَشي: {وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ} بدلٌ من الضمير المنصوب. قال الكِرْمَانيُّ: فاعلُ نسختها آيةَ {جَعَلْنَا}، {وَالَّذِينَ عَقَدَتْ} منصوبٌ بإضمار أعني. انتهى. والمراد بإيراد الحديث منها ههنا: أن قوله تعالى: {وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا} نَسَخَ حكم الميراث الذي دَلَّ عليه {وَالَّذِينَ عَقَدَتْ} ... إلخ. وقد ذَكَرَ فبه العينيُّ شيئًا، فراجعه، وراجع "المعتصر" أيضًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>