اختص للتعريف من بين سائر التجليات؛ وأما تجلِّي القدم، فهو للغضب؛ وأما تجلِّي الحَقْو، فقد مَرَّ يوم الميثاق؛ وأما تجلِّي الوَجْه فيكون في الجنة، وهو أعلاها (١).
قوله:(وأمّا الجنَّةُ: فإِنَّ اللَّهَ يُنْشِيءُ لَها خَلْقًا) ... إلخ. وفي مَوْضعٍ آخَر: أَنْشأ الخَلْقَ للنَّار. وتوجه الشارحون إلى التوفيق بينهما؛ قلتُ: وذلك وَهْم قَطْعًا، والصواب إنشاءُ الخَلْق للجنَّة، ثُم لا يدري عَدَدَهم إلا اللهُ، ومِن ههنا ظهر الجواب: أَنَّ غايةَ العالمَ هي العبادة، قال تعالى:{وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ}[الذاريات: ٥٦]، والظاهر أن لا تتخلّفَ غايتُه تعالى، ولا أَقلَّ مِن أن تكونَ أغلبَ، مع أن الأغلب في الدنيا هو الكفر. قلتُ: إن العالم كلَّه بقضه وقضيضه في التسبيح غير الثَّقَلَين، فلو سلَّمنا كثرة الغاية، فلم تتخلف أيضًا. وقد وضعنا عليه مُذكرةً، وهذا القَدْر لا يكفي ولا يَشْفي، وسيجيء في «الذاريات» شيء آخر.