للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

اختص للتعريف من بين سائر التجليات؛ وأما تجلِّي القدم، فهو للغضب؛ وأما تجلِّي الحَقْو، فقد مَرَّ يوم الميثاق؛ وأما تجلِّي الوَجْه فيكون في الجنة، وهو أعلاها (١).

قوله: (وأمّا الجنَّةُ: فإِنَّ اللَّهَ يُنْشِيءُ لَها خَلْقًا) ... إلخ. وفي مَوْضعٍ آخَر: أَنْشأ الخَلْقَ للنَّار. وتوجه الشارحون إلى التوفيق بينهما؛ قلتُ: وذلك وَهْم قَطْعًا، والصواب إنشاءُ الخَلْق للجنَّة، ثُم لا يدري عَدَدَهم إلا اللهُ، ومِن ههنا ظهر الجواب: أَنَّ غايةَ العالمَ هي العبادة، قال تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات: ٥٦]، والظاهر أن لا تتخلّفَ غايتُه تعالى، ولا أَقلَّ مِن أن تكونَ أغلبَ، مع أن الأغلب في الدنيا هو الكفر. قلتُ: إن العالم كلَّه بقضه وقضيضه في التسبيح غير الثَّقَلَين، فلو سلَّمنا كثرة الغاية، فلم تتخلف أيضًا. وقد وضعنا عليه مُذكرةً، وهذا القَدْر لا يكفي ولا يَشْفي، وسيجيء في «الذاريات» شيء آخر.

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

٥١ - سُورَةُ والذَّارِيَاتِ

قالَ عَلِيٌّ عَلَيهِ السَّلَامُ: الذَّارِيَاتُ: الرِّيَاحُ. وَقالَ غَيرُهُ: {تَذْرُوهُ} [الكهف: ٤٥] تُفَرِّقُهُ. {وَفِى أَنفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ} [٢١] تَأْكُلُ وَتَشْرَبُ في مَدْخَلٍ وَاحِدٍ، وَيَخْرُجُ مِنْ مَوْضِعَينِ. {فَرَاغَ} [٢٦] فَرَجَعَ. {فَصَكَّتْ} [٢٩] فَجَمَعَتْ أَصَابعَهَا، فَضَرَبَتْ جَبْهَتَهَا. وَالرَّمِيمُ: نَبَاتُ الأَرْضِ إِذَا يَبِسَ وَدِيسَ. {لَمُوسِعُونَ} [٤٧] أَي لَذُو سَعَةٍ، وكَذلِكَ: {عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ} [البقرة: ٢٣٦]، يَعْنِي القَوِيَّ. {زَوْجَيْنِ} [٤٩] الذَّكَرَ وَالأُنْثى، وَاخْتِلَافُ الأَلوَانِ: حُلوٌ وحامِضٌ، فَهُمَا زَوْجانِ. {فَفِرُّواْ إِلَى اللَّهِ} [٥٠] مِنَ اللَّهِ إِلَيهِ. {إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [٥٦] ما خَلَقْتُ أَهْلَ السَّعَادَةِ مِنْ أَهْلِ الفَرِيقَينِ إِلَّا لِيُوَحِّدُونِ، وَقالَ بَعْضُهُمْ: خَلَقَهُمْ لِيَفعَلُوا، فَفَعَلَ بَعْضٌ، وَتَرَكَ بَعْضٌ، وَلَيسَ فِيهِ حُجَّةٌ لأَهْلِ القَدَرِ. وَالذَّنُوبُ: الدَّلوُ العَظِيمُ.

وَقالَ مُجَاهِدٌ: {صَرَّةٍ} [٢٩] صَيحَةٍ. {ذَنُوبًا} [٥٩] سَبِيلًا. العَقِيمُ: الَّتِي لَا تَلِدُ.

وَقالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: وَالحُبُكُ: اسْتِوَاؤُهَا وَحُسْنُهَا. {فِى غَمْرَةٍ} [١١] في ضَلَالَتِهِمْ يَتَمادَوْنَ.

وَقالَ غَيرُهُ: {وَتَوَاصَوْاْ} [٥٣] تَوَاطَؤُوا. وَقالَ: {مُّسَوَّمَةً} [٣٤] مُعَلَّمَةً، مِنَ السِّيما. قُتِلَ الإِنْسَانُ: لُعِنَ.


(١) قلت: فهو للرضاء، على خلاف تجلِّي القدم، والله تعالى أعلم بحقيقةِ الحال.

<<  <  ج: ص:  >  >>