ولا خيلكم، فالفيءُ يكون إلى الرسول يتصرَّفُ فيه بما أَرَاه الله، لا أنه يكون مِلْكًا له. وراجع للفَدَكِ «التحفة» للشاه عبد العزيز، و «الصواقع» لعالم من كابل.
واعلم أنه قد صَعَبَ على الفرق بين الفيء والغنيمة، فإن الفيء عندهم: ما يَحْصُلُ بدون إيجافِ الخيل والرِّكَاب، وهم يَعُدُّون أموالَ بني النَّضِير فيئًا، مع ثبوت المُحَاصَرَةِ فيها. فإن قلتَ: إنهم نَزَلُوا إلى الصُّلْحِ، فذلك مُشْكِلٌ، إذ قد يُضْطَرُّ إلى الصلح في الحروب أيضًا. ولعلَّ الوجه: أن الصُلْحَ بعد الحرب لا يُعَدُّ صلحًا، بل حربًا، لأنهم جَنَحَوا إلى السلم بعد تنكيل المسلمين فيهم، فَيُعْتَبَرُ المال المأخوذ منهم غنيمةً. وإذا لم يَقَعْ قتالٌ وحربٌ، فَصُلْحُهم يُحْمَلُ على أن اللَّهَ سبحانه هو الذي قَذَفَ في قلوبهم الرُّعْبَ، إذ لا بُدَّ له من سببٍ ظاهريَ، فَصُلْحُهُمْ بدون تقدُّمٍ إلى المحاربة إمارةٌ على أن اللَّهَ تعالى قَذَفَ الرُّعْبَ في قلوبهم، بخلاف الصُّلْح بعد الحرب. وإذن صَحَّ أن ما أُخِذَ منهم يُعَدُّ فيئًا، لكونه لم تُوجِفْ عليه خيلًا، ولا ركَابًا، وإنما هو مالٌ أفاء اللَّهُ سبحانه على رسوله.