خَرَجُوا للحرب لَبِسُوا قُمُصَ الحرير، ولأنها أنفعُ وأحصنُ. ثم إن اللَّهَ تعالى، وإن كان يَعْلَمُ حالَ كُرْز أنه يجيء أو لا، وأن الملائكةَ تَنْزِلُ فيه ألفًا، أو خمسة آلاف، لكن تلك من سُنَّة الله: أنه قد يُخْفِي أمرًا، ولا يُظْهِرُهُ على رسله أيضًا لمصالح يَعْلَمُهَا. فَأَظْهَرَهُ بحيث يَذْهَبُ ذهنُ السامع كلَّ مذهبٍ، ولا يَقْطَعُ عن نفسه التردُّد. وهو معنى «لعل» في القرآن كما اختاره سيبويه، لا كما اختاره السيوطي: أنه في القرآٌّ لليقين. بل لأنَّ اللَّهَ تعالى لمَّا أراد أن لا يُخْبِرَنا على حقيقة الأمر، استعمل في كلامه ما يُسْتَعْمَلُ له في كلامنا، لأن القرآنَ لم يَنْفَكَّ في موضعٍ عن محاورات الناس، فكلُّهم حسب عرفهم. فليس موضعه: أن الله سبحانه لا يَعْلَمُهُ - والعياذ بالله - ولكنَّ اللَّهَ سبحانه يريد أن لا يَنْكَشِفَ علينا الأمرُ على جليته، فيؤدِّيه بنحوٍ يبقى فيه الإِبهام.
قوله:(ولِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ)، واللام فيه بدل كي تتقدَّمُه الواو، وتكون الجملةُ بعدها معطوفةً على جملةٍ مقدَّرةٍ. وقد توجَّه إليها الزمخشريُّ في «الكشاف»، وذَكَرَ له الشاه عبد القادر فائدةً على طريق الضابطة في «فوائد»(١).
قوله:(وقال وَحْشِيٌّ: قَتَلَ حَمْزَةُ) ... إلخ، ستجيء قصته في البخاريِّ.