النَّعْلَيْنِ فَلْيَلْبَسِ الْخُفَّيْنِ وَلْيَقْطَعْهُمَا حَتَّى يَكُونَا أَسْفَلَ مِنَ الْكَعْبَيْنِ». وَعَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - مِثْلَهُ. أطرافه ١٣٤، ١٥٤٢، ١٨٣٨، ١٨٤٢، ٥٧٩٤، ٥٨٠٣، ٥٨٠٥، ٥٨٠٦، ٥٨٤٧، ٥٨٥٢ - تحفة ٦٩٢٥، ٨٤٣٢
٣٦٦ - قوله:(أسفل من الكعبين) وسأل هشامٌ محمدًا رحمه الله تعالى عن الكعبين، فأجابه: أنه العظم النابت ومَعقِدُ الشِّرَاك، وكان فسَّره في باب الحج ثم نقلَ تفسيره في الوضوء، وهو باطل، وهشامٌ هذا هو الذي نَزَلَ عنده محمد رحمه الله تعالى حين دخل الرَّي.
واعلم أن المصنفَ رحمه الله تعالى كثيرًا ما يستعملُ في تَرَاجِمِهِ «ما» و «مِنْ» كما ترى ههنا. والشارحونَ قد يجعلون «مِنْ» وأخرى تبعيضية، وراجع الفرقَ من الرّضي، فإنها لو كانت بيانيةً لاطَّردَ الحكمُ على جميع مدخُولِهَا وإلا لا. وجعلتها تبعيضيةً في جميع الأبواب لتكونَ شاكلتُهَا في كلها سَوَاء.
فإن قلت: كيف يستقيم التبعيضُ في ستر العورة؟ قلت: العورة لغةً: هي ما يُستحى منه، فيستقيم فيها التبعيض أيضًا. ثم اعلم أن العورةَ عندنا من السرة إلى الرُّكبة. وعند مالك رحمه الله تعالى هي أصل الفخذ دون سائرها. وقد مر مني أنه من باب إقامةِ المراتب، وهذا الباب كثيرٌ في الفقه.
ففي «الفتح» في باب الجمعة: أن الجمعةَ فريضةٌ وآكدُ من الفرائض الخمس، فأقام المراتبَ بين الفرائض أيضًا، وجعلَ بعضَها آكدُ من بعض. وإنما صرح به الشيخ ابن الهُمَام لمسألة ذكرها في القُدُورِي وهي: من صلى الظهرَ في منزلِهِ يوم الجُمعة قبل صلاةِ الإمام ولا عُذْرَ له كُرِه له ذلك وجازت صلاتُهُ، ويُتوهَّمُ منها عدمُ فرضية الجمعةِ عندنا، فصرَّح بأن الجمعة فرضٌ قطعيٌّ عندنا، بل آكد من سائر الفرائض.
وكذلك في «البحر»: أن الفاتحةَ واجبةٌ والسورةَ أيضًا واجبةٌ، إلا أن الفاتحةَ أوجبُ، فهذه نقولٌ تدُل على عِبرة المراتب عندهم، وهذه هي الحقيقةُ التي سرت عليها مسألة ستر العورةِ، والاستقبال، والاستدبارِ، والنواقضِ الخارج من السبيلين وغير السبيلين، ومسِ المرأة، ومس الذكر.
وقد مرَّ ذكرُهَا في الأبواب السابقة مُفصلا، فرأسُ الفَخِذِ عورةٌ أيضًا، كما أن أصلها عورةٌ، إلا أنها أخفُّ بالنسبة إلى الأصل، ولذا تجدُ فيها الدلائل في الطرفين، فبعضها يدُل على