للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

القس: "كم كرنا" وليس معناه: "كترنا" وإن قَرُبا في المِصداق. قال الطحاوي (١): إن خال المُزَني كان يقص شواربه من أصلها. هو النهك والإِحفاء ولا أظنه إلا أن يكون تعلَّمه من الشافعي وهكذا كان يفعل صاحبا أبي حنيفة ثم القص يُحتمل أن يكون بالحلق، ويُحتمل أن يكونَ بالمبالغة في القص من المِقْراض. ونقل عن مالك (٢) أنه كان يرى الحلقَ مثلة ولهذا أمنعُ عن الحلق، وأُفتي بقصها من المِقْراض أما القص إلى الإِطار فهو أيضًا جائز، وإن كان الأفضل هو القص (٣).

هذا في العرض، أما في الطول، فنُقل عن عمر أنه كان يترك سبالتيه، ولم يكن يقصهما، وفيه إيماء إلى كونِ عمل العامة بخلافه قلت: وبعمل عمر نقتدي، فلا ينبغي قصر السبالتين.

قوله: (ويأخذ هذين) والمراد منهما الشِّدقان، دون الفنكين، فإنَّ قطعَ الأشعار التي على وسط الشَّفة السُّفلى، أي العَنْفقة، بدعة، ويقال لها: "ريش بجه".

٦٤ - باب تَقْلِيمِ الأَظْفَارِ

٥٨٩٠ - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِى رَجَاءٍ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ سَمِعْتُ


(١) قلت: ولم أجده في "معاني الآثار" ولم أر فيه أنه عزا شيئًا إلى خاله، نعم فيه أن الإِحفاء أفضل من القص، ثم أيده بالنظر في الحلق والقصر في باب الحج، وقال: فالنظرُ على ذلك أن يكونَ كذلك حكم الشارب قصه حسن، وإحفاؤه أحسن وأفضل. وهذا مذهب أبي حنيفة، وأبي يوسف، ومحمد رحمهم الله تعالى ثم ذكر جماعة من الصحابة رضي الله تعالى عنهم كانوا يُحفون شواربهم، منهم ابن عمر، أنه كان يُحفي شاربه، حتى إن الجلد ليُرى، وفي لفظ: كأنه ينتفه. ثم قال: فدل ذلك على أنَّ قصَّ الشارب من الفِطرَة، وهو مما لا بد منه، وإن ما بعد ذلك من الإِحفاء هو أفضل. وفيه من إصابة الخير ما ليس في القص اهـ: ص ٣٣٤ - ج ٢، قلت: وليُراجع إليه مرة أخرى، فإن القلمَ يزل، والفكر يجنى، والبصر يخطىء.
(٢) ذكر البيهقي فيه عن عبد العزيز الأويسي، قال: ذكر مالك إحفاء بعض الناس شواربهم، فقال: ينبغي أن يُضرب من صنع ذلك، فليس حديث النبي عليه الصلاة والسلام في الإِحفاء، ولكن يُبدي حرف الشفتين والفم. قال مالك: حلق الشارب بِدعةٌ، ظهرت في الناس. قال البيهقي: كأنه حملَ الإِحفاءَ -المأمور به في الجزء عن- على الأخذ من الشارب، بالجز دون الحلق، وإنكاره وقع للحلقَ، دون الإِحفاء، والوَهَم وقع من الراوي عنه في إنكار الإحفاء مطلقًا؛ قلت قول مالك: ولكن يبدي حرف الشفتين والفم، معناه ويترك الباقي، وذلك دليل على أنه أنكر الإحفاء مطلقًا سواء كان بالحلق، أو بالجز، فلا وهم من الراوي، ويدل عليه ما حكى ابن القاسم عنه أنه قال: إحفاء الشارب عندي مثلة، وقوله في "الموطأ": يؤخذ من الشارب حتى يبدو طرف الشفة، وهو الإطار، ولا يجزه، فيمثل بنفسه، اهـ: ص ٤٤ - ج ١ - من أبواب الوضوء - "الجوهر النقي".
(٣) واعلم أنهم اختلفوا في اللحية ما الأفضل فيها؟ فقيل: تقصير ما زادت على القبضة، كما في "كتاب الآثار" لمحمد؛ وقيل: بل الإِعفاء أفضل مطلقًا، أما قطع ما دون ذلك، فحرامٌ إجماعًا، بين الأئمة رحمهم الله تعالى، هذا خلاصة ما في تقرير الفاضل عبد القدير.

<<  <  ج: ص:  >  >>