عند مسلمٍ: إيَّاكَ (١) واللو. وشَرَحَهُ ابن تَيْمِيَةَ: أن التمنِّي على الأفعال الماضية لا
(١) قلت: قد تكلم عليه الطحاوي في "مشكله" فقال: إنه قد بان لنا معنى -لو- المحذور منها في هذا الحديث، بعد وقوفنا على أن -لو- ليست مكروهة في كل الأشياء، إذا كان الله قد ذكرها في كتابه إباحتها في شيء ذكرها فيه، وهو قوله لنبيه فيما ذكر جوابه عن الساعة: {وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ}، ثم استشهد بحديث أبي كبشة الأنصاري، وفيه استعمال لفظ: لو، قال: ورجل لم يؤته مالًا، ولم يؤته علمًا، فهو يقول: لو أن الله آتاني مثل ما أتى فلانًا، لفعلت فيه مثل ما يفعل، إلخ، قال الطحاوي: فلم تكن -لو- مكروهة فيما ذكرنا، فعقلنا بذلك أنها إنما هي مكروهة يحذر منها في غير ما وصفنا، ثم تأملنا ذلك لنقف على الموضع الذي هي مكروهة فيه. فوجدنا الله تعالى قد ذكر في كتابه ما كان من قوم، ذمهم بما كان منهم، وهو قوله تعالى: {يَقُولُونَ هَلْ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ} فيرد ذلك عليهم بقوله تعالى: {قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ} إلخ، ثم عاد تعالى بعد يخبر عنهم بما كانوا يقولون، فقال: {يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ مَا قُتِلْنَا هَاهُنَا} فرد الله عليهم بما أمر نبيه أن يقول لهم: {قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ} إلخ، ثم عاد بعد ذلك إلى المؤمنين فحذرهم أن يكونوا أمثالهم، فقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ كَفَرُوا وَقَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ إِذَا ضَرَبُوا فِي الْأَرْضِ أَوْ كَانُوا غُزًّى لَوْ كَانُوا عِنْدَنَا مَا مَاتُوا وَمَا قُتِلُوا} ووجدناه تعالى قال في كتابه: {أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ} إلى قوله: {أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي لَكُنْتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} إلى قوله: {مِنَ الْمُحْسِنِينَ} قال: فكان ما تلونا من -اللوات- ما قد عقل به ما هي فيه غير مذمومة، وما هي فيه مذمومة، وكذا فيما روينا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في هذا الباب من حديث أبي كبشة: ص ١٠٠، وص ١٠١، وص ١٠٣ - ج ١ ملخصًا.