للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ويَتَبَادَرُ من كلام الشارحين أن في ذهنهم تعدُّد الرفع في القَوْمة في هذا الحديث، وحنيئذٍ لا بُدَّ للعمل به من بيان صورة، ولكنه لم يتوجَّه أحدٌ منهم إلى أنه ماذا تكون صورة العمل به في الخارج أمَّا أنا فقد أن الرفعَ فيها واحدٌ بالعدد، فهل ثَمَّ داعٍ أو مجيبٍ إذن.

وكذلك في الباب حديث عند ابن ماجة (١) «أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم كان يرفعُ يديه عند كل تكبيرة» ... الخ، وأعلَّه كلُّهم، وما ذلك إلا لأنهم فَقَدُوا به العمل، ولم يستطيعوا أن يَعْمَلُوا بكلِّه، فاضْطَرُّوا إلى الإعلال. وتبيَّن لي شرحُه بعد مرور الأزمان وتقليب الأجفان: أن المراد من الرفع هو انتقال اليدين من مكانٍ إلى مكان، أي كانت يداه تنتقل من مكانٍ إلى مكانٍ عند كل تكبيرةٍ.

فإن قلتَ: إن الرفع بهذا المعنى لا حاجة إلى ذكره، قلتُ: كلا بل أراد به الرَّاوي أن يفهرس الرفع، ومَنْ جنسه الرفع المختلف فيه وإن تغيَّرت شاكلته، واستفدتُ منه مهمةً أخرى وهي: أن شعارَ التكبير هو الرفعُ، فإذا كبَّر رَفَعَ، وحينئذٍ صار تعرُّضه إليه مهمًا جدًا، وراجع له «نيل الفرقدين» وفي التوراة لمَّا وَقَعَ الحَرْبُ بين موسى عليه الصلاة والسَّلام وبين العَمَالِقَة، لم يَزَلْ موسى عليه الصلاة والسَّلام داعيًا رافعًا يديه حتى كادت الشمس تَسْقُطُ، فَثَقُلَت يداه وسَقَطَت، فجاءه هارون عليه الصلاة والسَّلام، فأمسكها أن تسقط قبل الفتح. وبالجملة هذا الفهرس كفهرس عدد التكبيرات في بعض الأحاديث، وليس من البديهي المُسْتَغْنَى عنه.

٨٤ - باب رَفْعِ الْيَدَيْنِ إِذَا كَبَّرَ وَإِذَا رَكَعَ وَإِذَا رَفَعَ

٧٣٦ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ أَخْبَرَنَا يُونُسُ عَنِ الزُّهْرِىِّ أَخْبَرَنِى سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضى الله عنهما قَالَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا قَامَ فِى الصَّلَاةِ رَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى يَكُونَا حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ، وَكَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ حِينَ يُكَبِّرُ لِلرُّكُوعِ، وَيَفْعَلُ ذَلِكَ إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ وَيَقُولُ «سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ». وَلَا يَفْعَلُ ذَلِكَ فِى السُّجُودِ. أطرافه ٧٣٥، ٧٣٨، ٧٣٩ - تحفة ٦٩٧٩ - ١٨٨/ ١

والحديث وإن مرَّ من قبل أيضًا، لكنّ المصنِّف رحمه الله تعالى دَخَل الآن في المسألة المشهورة (٢). وأعلم أن الأحاديثَ الصِّحاح في الرفع تَبْلُغُ إلى خمسة عشر، وإن سَلَكْنَا مَسْلَك


(١) قلت أخرج البخاري في كتابه في رفع اليدين عن الهزيل بن سليمان قال سألت الأوزاعي قلت: يا أبا عمرو ما تقول في رفع الأيدي مع كل تكبيرة وهو قائم في الصلاة قال ذلك الأمر الأول اهـ.
(٢) يقول العبدُ الضعيفُ: ولقد أَجَلْتُ الأفكارَ في هذا المِضْمَار، ورُضْتُ الخيولَ، وخُضْتُ السيولَ وحَدَّقْتُ الأحداقَ، وقلَّبْتُ الأوراق، فلم أجد إلَّا أن كلًّا منهم يريد أن يَعْدِم الآخر، ويجعله كالأمس الدابر، وليس بفاعل. فيأتي شافعي ويُرِيكَ كأنَّ التركَ شريعةٌ مستحدثةٌ لا أثرَ لها ولا خبر، ويأتي حنفي فيُوهِمُكَ كأنَّ الرفعَ شريعةٌ منسوخةٌ، والكلام فيه جِدَالٌ بلا ثمر، ولعَمْرِي إنه لطمعٌ في غير مطمعٍ، وتصوتٌ في غير مسمعٍ. =

<<  <  ج: ص:  >  >>