والإِدَامُ عندنا ما يُؤْتَدَمُ به، فلا يكون إلَّا رَطْبًا. وأطلقه المصنِّفُ على اليابس أيضًا، ولا ضيرَ فيه، فلعلَّه كان عُرْفُ أهل الكوفة في زمن فقهائنا. وقد عَلِمْتَ أنَّ مبني الأيمان عندنا على العُرْف.
واعلم أن المسألةَ في نية التخصيص في العامِّ ما سَمِعْتَ آنفًا. وأمَّا تقييدُ المطلق، فلم يتعرَّضوا له في كتبنا. وهناك قسمٌ ثالثٌ، وهو مراتبُ الشيء. والمسمَّى هل يَصْلُحُ إرادةَ بعضها دون بعضٍ، كما في قوله تعالى:{وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ}[البقرة: ٢٢٢]، فإنَّ مرتبتَه القوصى منه عينُ ما كان اليهود يفعلونها. وكنهى النبيِّ صلى الله عليه وسلّم عن الاستمتاع عمَّا تحت الإِزار، أو موضع الطَّمْث، فالرأيُ فيه عندي عبرةُ النية في كلِّها. ومراتبُ المُسَمَّى، وإن لم تُذْكَر في عامة الكُتُبِ، لكنَّها يمكن أن تندرجَ في تعريف المطلق لصدر الشريعة.
وأمَّا ما ذكره الشيخُ ابن الهُمَام في تعريفه، فلا يندرجُ فيه أصلًا، بل يحتاجُ إلى أن يُفْرَزَ له اصطلاحٌ جديدٌ. ونُقِلَ عن سيبويه، كما في «شرح الجامع الصغير»: أن الفعلَ ليس بعامَ، ولا خاصَ، بل هو مطلقٌ. وقال النحاةُ: إنَّه جنسٌ، والجنسُ أيضًا يُطْلَقُ على القليل والكثير.
٢٤ - باب إِذَا أَهْدَى مَالَهُ عَلَى وَجْهِ النَّذْرِ وَالتَّوْبَةِ