للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إني سأَقْتُلك، فقال له الهُرْمُزَان: إنك لست تستطيعُه، قال: فكيف ذلك؟ قال: أما قلتَ الآن: مترس فهو أَمِن، فسأل عمرُ أَنسًا عن ذلك، فأَقَرَّ به، فعفا عنه.

١٢ - باب الْمُوَادَعَةِ وَالْمُصَالَحَةِ مَعَ الْمُشْرِكِينَ (١) بِالْمَالِ وَغَيْرِهِ، وَإِثْمِ مَنْ لَمْ يَفِ بِالْعَهْدِ

وَقَوْلِهِ: {وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا} [الأنفال: ٦١] الآيَةَ.

٣١٧٣ - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا بِشْرٌ - هُوَ ابْنُ الْمُفَضَّلِ - حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ بُشَيْرِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِى حَثْمَةَ قَالَ انْطَلَقَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَهْلٍ وَمُحَيِّصَةُ بْنُ مَسْعُودِ بْنِ زَيْدٍ إِلَى خَيْبَرَ، وَهْىَ يَوْمَئِذٍ صُلْحٌ، فَتَفَرَّقَا، فَأَتَى مُحَيِّصَةُ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَهْلٍ وَهْوَ يَتَشَحَّطُ فِى دَمٍ قَتِيلًا، فَدَفَنَهُ ثُمَّ قَدِمَ الْمَدِينَةَ، فَانْطَلَقَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَهْلٍ وَمُحَيِّصَةُ وَحُوَيِّصَةُ ابْنَا مَسْعُودٍ إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -، فَذَهَبَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ يَتَكَلَّمُ فَقَالَ «كَبِّرْ كَبِّرْ». وَهْوَ أَحْدَثُ الْقَوْمِ، فَسَكَتَ فَتَكَلَّمَا فَقَالَ «أَتَحْلِفُونَ وَتَسْتَحِقُّونَ قَاتِلَكُمْ أَوْ صَاحِبَكُمْ». قَالُوا وَكَيْفَ نَحْلِفُ وَلَمْ نَشْهَدْ وَلَمْ نَرَ قَالَ «فَتُبْرِيكُمْ يَهُودُ بِخَمْسِينَ». فَقَالُوا كَيْفَ نَأْخُذُ أَيْمَانَ قَوْمٍ كُفَّارٍ فَعَقَلَهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ عِنْدِهِ. أطرافه ٢٧٠٢، ٦١٤٣، ٦٨٩٨، ٧١٩٢ تحفة ٤٦٤٤

يعني أما المصالحةُ بأَخْذ الأموالِ عنهم فهي طريقةٌ مسلوكةٌ، فإِنَّ اضطرُ المسلمونَ إلى بَذْل المال إليهم مِن عندهم، فلا بأسَ، به أيضًا ويكونُ جائزًا.

٣١٧٣ - قوله: (انطَلقَ عبدُ الله سَهْل) ... الخ، وفي الحديث قِصَّة القَسامة، وهي تجري فيما (إذا) وُجِدَ القاتل في محلِّ الدِّية، ولم يُعلم قاتِلُه، وراجع تفصيلها في الفقه. واليمينُ لا يتوجَّ في القسامة عند إمامنا على المُدْعي بل يَحْلِف خمسونَ رَجُلا من المدَّعي عليهم بالله ما قتلناه، ولا علمنا قَاتِلَه، ثُم تَجِبَ عليهم الدِّيةُ لأَوْليا المقتول، وفائدةُ الحَلِف دَرْءُ القِصاص عنهم، وتبَيُّن القاتِل إنْ علموه، وقال الشافعيُّ: بل يتوجَّهُ اليمينُ أَوَّلا على المُدَّعِين فإِنْ فعلوه،


(١) قال القاضي أبو الوليد في "بداية المجتهد" -في الفصل السادس في جواز المهادنة- فأَمَّا هل تجوزُ المهادنة؟ فإِنَّ قومًا أجازوها ابتداءً، من غيرِ سبب إذا رأى ذلك الإِمامُ مصلحةً للمسلمين. وقَوْمًا لم يجيزوها إلا لمكان الضرورة الداعية لأهْل الإِسلام من فتنةٍ، أو غير ذلك، إما بشيءٍ يأخذونه، منهم لا على حُكْم الجزيةِ إذ كانت الجزيةُ إنما شَرْطُها أن تُؤخذ منهم، وهم بحيثُ تنفذ عليهم أحكام المسلمين، وأما بلا شيء يأخذونه منهم، وكان الأوْزاعي يُجيز أن يُصالِح الإِمامُ الكفارَ على شيء يَدْفعه المسلمون إلى الكُفَّار إذا دعت إلى ذلك ضرورة فتنة، أو غيرُ ذلك من الضرورات، وقال الشافعيُّ: لا يعطِي المسلمون الكفَّار شيئًا إلا أن يَصْطَلِموا، لكثرة العدد وقلتهم، أو لمحنةٍ نزلت بهم، وممن قال بإِجازة الصُّلح إذا رأى الإِمام ذلك مصلحةً، مالك، والشافعيُّ، وأبو حنيفة، إلَّا أنَّ الشافعي لا يجوزُ عنده الصُّلْح، لأكثرَ من المدة التي صالح عليها رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - الكُفَّار، عامَ الحديبية، اهـ: قلت: وأخبرنا محقِّقُ العصر الشيخ "شِبيِّر أحمد" دام ظله، أنَّ أحكامَ المصالحةِ لا تُوجد أَبْسط ممَّا ذَكَرَه محمد في شَرْح "السير الكبير" فليراجع.

<<  <  ج: ص:  >  >>