للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٢٠ - باب الصَّلَاةِ عَلَى الْحَصِيرِ

وَصَلَّى جَابِرٌ وَأَبُو سَعِيدٍ فِى السَّفِينَةِ قَائِمًا. وَقَالَ الْحَسَنُ تُصَلِّى قَائِمًا مَا لَمْ تَشُقَّ عَلَى أَصْحَابِكَ، تَدُورُ مَعَهَا وَإِلَاّ فَقَاعِدًا.

٣٨٠ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى طَلْحَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ جَدَّتَهُ مُلَيْكَةَ دَعَتْ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لِطَعَامٍ صَنَعَتْهُ لَهُ، فَأَكَلَ مِنْهُ ثُمَّ قَالَ «قُومُوا فَلأُصَلِّ لَكُمْ». قَالَ أَنَسٌ فَقُمْتُ إِلَى حَصِيرٍ لَنَا قَدِ اسْوَدَّ مِنْ طُولِ مَا لُبِسَ، فَنَضَحْتُهُ بِمَاءٍ، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَصَفَفْتُ وَالْيَتِيمَ وَرَاءَهُ، وَالْعَجُوزُ مِنْ وَرَائِنَا، فَصَلَّى لَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ انْصَرَفَ. أطرافه ٧٢٧، ٨٦٠، ٨٧١، ٨٧٤، ١١٦٤ - تحفة ١٩٧ - ١٠٧/ ١

قال ابن بَطَّال: إن كان (ما يصلي عليه كبيرًا) قَدْر طولِ الرَّجُلِ فأكثر، يقال له: حصير، وإلا يقال له: خُمْرة. وقد مر الكلام فيه. ثم إن الصلاة عند مالك رحمه الله تعالى ينبغي أن تكونَ على جنس الأرض، فإن صلى على غيره كُره. واختارَ البخاريُّ السجدةَ على جنس الأرض وغيره كما هو مذهب الجمهور، فأثبت الصلاةَ على الحصير - وهو يصنعُ من سَعَف النخل - ثم من عادات البخاري وضعُ التراجِمِ لمجرد إحصاء الجزئيات الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلّم فبوَّبَ بالصلاة على الخُمْرة، وفي الفِراش.

قوله: (وصلى جابر رضي الله عنه) ... إلخ وجاز فيه القعود عند الإِمامِ الهُمَام بلا عذر. ويُؤيدُهُ أثرُ أنسٍ رضي الله عنه: «إنه كان يذهبُ من البصرةِ إلى أرض له ويُصلي جالسًا، والظاهرُ عدم العذر. وعند صاحبيه يجوزُ بالعذر، وإلا لا. قلت: والعمل على مذهب الصاحبين أولى، ثم إن مشايخنا كانوا يعدُّون القِطَار كالسريرِ المستقرِ على الأرض، فلا تجوز الصلاة فيه إلا قائمًا، وقيل: إنه كالسفينة، فتجوز قائمًا وقاعدًا وهو المختار عندي. وأما السفينة إذا كانت بشطِّ البحر، ففيه تفصيل مذكورٌ في الكتب.

٣٨٠ - قوله: (إن جَدَّتَهُ) قيل: الضمير إلى إسحاق، وقيل: إلى أنس رضي الله عنه وكلاهما صحيح، فإن أمَّ سليم والدة أنس رضي الله عنه كانت تزوجت بعده أبا طلحة رضي الله عنه، فصار عبد الله أخًا لأنس رضي الله عنه، وصارَت مُلَيْكَةُ جَدَّةً لإِسحاق بن عبد الله.

قوله: (اليتيم) علمٌ بالغَلَبَة، واسمُهُ ضميرُة. ثم إن مولانا عبد الحي رحمه الله تعالى ضعَّف مسألةَ المُحَاذات. قلت: بل هي مسألةٌ قويةٌ، لكنها مسألةٌ اجتهادية، ويُسوَّغُ للمجتهد أن يحملَ تأخير الصبيانِ في مرتبةِ السُّنِّية، وتأخيرَ النِّساء في مرتبة الشرطية، لفروقٍ سَنَحتْ له. مثلا ثَبَتَ في الأحاديث كراهةُ الصلاةِ خلف الصفِّ وحدَهُ، حتى ذهب أحمد رحمه الله تعالى إلى بطلان الصلاة، ومع ذلك أخَّرَهَا النبيُّ صلى الله عليه وسلّم ولم يتركها أن تقومَ مع صف الرجال، ولم يثبت عنه إقامةُ النساءِ مع صفِّ الرجالِ ولو مرةً، بخلاف الصبيان، فإِنهم وإن سُنَّ تأخيرهم عن صف الرجال، لكنه ثبتَ إقامتُهم في صف الرجال عند انعدام رجل آخر لتحصيلِ الصف. فَعُلِمَ أنه يحتمل قيام الصبيان مع الرجال في صورة، بخلاف النِّسْوان، فإنه لا يحتمل مطلقًا، فلو كانت

<<  <  ج: ص:  >  >>