للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَقَالَ ابْنُ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى لَيْلَى حَدَّثَنَا أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - نَزَلَ رَمَضَانُ فَشَقَّ عَلَيْهِمْ، فَكَانَ مَنْ أَطْعَمَ كُلَّ يَوْمٍ مِسْكِينًا تَرَكَ الصَّوْمَ مِمَّنْ يُطِيقُهُ، وَرُخِّصَ لَهُمْ فِى ذَلِكَ فَنَسَخَتْهَا (وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ) فَأُمِرُوا بِالصَّوْمِ تحفة ١٥٦٢٤ - ٤٥/ ٣

١٩٤٩ - حَدَّثَنَا عَيَّاشٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَرَأَ {فِدْيَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ}. قَالَ هِىَ مَنْسُوخَةٌ. طرفه ٤٥٠٦ - تحفة ٨٠١٨

وقد مرَّ مِنَّا تحقيقُ الآية قريبًا. وحاصلُه: أنها ليست بمنسوخةٍ بالكليَّة، بل مُحْكَمَةٌ في بعض الجُزْئيَّات بعد. وأرى جزئيات الفِدْية في المذاهب الأربعة، وليست تلك إلا لهذه الآية. وهذا كما قرَّرت في آية الوضوء: أن الواو في قوله: {وَأَرْجُلَكُمْ} [المائدة: ٦] للمعيَّة المَحْضَة، بمعنى أن لمسح الرأس مَعِيَّةً مع الأَرْجُلِ، سواء كانت المَعِيَّة بالغَسْل، أو المسح. والمَعِيَّة المطلقة تحتملهما، فهذا أيضًا إبقاء لأُنْمُوذَج المسح بالأَرْجُل، ولو في حال التخفيف. ولولاه لارْتَفَعَ حكمُ المسح بالأَرْجُل عن القرآن رأسًا، وإنما بقي فيه لمثل هذه الإِشارات. وأيضًا قد بيَّنا لك فيما قدَّمنا أن الفِدْيَةَ مُتَرَتِّبَةٌ على عدم الصوم، والمعنى {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ} ولم يَصُومُوا ... إلخ، وإنما حَذَفَهُ من اللفظ، ولم يَذْكُرْهُ لكونه غير مرغوبٍ عنده.

وأجد صنيعَ القرآن أنه إذا كَرِهَ شيئًا تَرَكَ ذِكْرَهُ، وذلك لكونه في الذُّرْوَة العُلْيَا من الفَصَاحَةِ، فلا يَتْرُكُ مساغًا للطبائع المتكاسلة. وقد ذَهَبَ بعضُ الملاحدة إلى بقاء الفِدْيَةِ مطلقًا، تمسُّكًا بهذه الآية. وأجاز للمُطِيقِين أيضًا أن لا يَصُومُوا رمضانَ، ويُؤَدُّوا عنه الفِدْيَةَ. ما حمله عليه إلا الإِلحادُ، واللعبُ بالشريعة، واتباعُ الهوى، وإراحةُ النفس.

قلتُ: ولم يُذْكَرْ في هذه الآية الإِفطار أيضًا، فعليه أن يَلْتَزِمَ الصومَ والفِدْيةَ معًا. فإن الآية لم تَحْكُمْ بالفطر للمُطِيقِين، ولكنها أَوْجَبَتْ عليهم الفِدْيَةَ، والصومُ بحاله، فَلْيَقُلْ بهما.

نعم حديث الباب يُخالِفُ ما قرَّرْتُ سابقًا، من أنها في الأيام البِيضِ، فإنه يَدُلُّ على أنها في رمضانَ. والمسألةُ إذا كانت مختلفةً بين الصحابة رضي الله تعالى عنهم، فلا بَأْسَ أن يُؤْخَذَ بأحد جوانبها. فلنا أن نَعْمَلَ بما اختاره مُعَاذ، مع كونه أعلمَ بالحلال والحرام، وقد مرَّ وجهُ الجمع أيضًا.

قوله: (قال أبو الزِّنَاد: إن السُّنَنَ) ... إلخ، في «الأشباه والنظائر»: من كَثُرَتْ عليه الفوائت، ولم يَجِدْ وقتًا لأدائها مع السُّنَنِ يترك السُّنن، ويأتي بالفوائت، وإنما يهتمُّ بالأقدمِّ فالأقدمِّ - بالمعنى -.

٤٠ - باب مَتَى يُقْضَى قَضَاءُ رَمَضَانَ

وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ لَا بَأْسَ أَنْ يُفَرَّقَ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}

<<  <  ج: ص:  >  >>