رجلٍ لكفت لتكفيره، فكيف بمن جمع هذه الأنواع أجمع؟ وأعني به: المرزا غلام أحمد الكادياني، الذي بغى وطغى، ثمَّ ذهب يَدَّعي النبوة، فَتَرَدَّدَ في تكفيره بعض من لم يمارس كتب الفقه، وَجَعَلَ يحتاط فيه، ولم يدرِ أنَّ التشجع في إكفار المسلم والتأخر في عدم إكفار الكافر سواء في الوزر، ولا تنس قول أبي بكر رضي الله عنه أوَّل خليفةٍ بعد رَسُوْلِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلّم لعمر رضي الله عنه:«أجبَّارٌ في الجاهلية، وخَوَّارٌ في الإِسْلام؟» فلم يتأخر عن قتال مانعي الزكاة، حتى شرح الله صدر عمر رضي الله عنه بأن الاحتياط أيضًا كان فيما عَمِلَ به أبو بكر رضي الله تعالى عنه.
قوله:(فلا تُخْفِرُوا الله) ... إلخ. لأنَّ أفعالَ الله عز وجل مَسْتُورةٌ تحت الأَسْبَابِ في الدنيا، فلا يَظْهر خَفَرُهُ وذمته إلا على أيْدِيكُم، فلا تُخْفِرُوا أنتم ذِمَّة الله، فيلزم خَفَرَ الله ذَمَّتَهُ على أيديكم.
٣٩٣ - قوله:(وقال ابن أبي مريم أنا يحيى بن أيوب) ... إلخ قلتُ: وبهذا الإِسناد عندنا روايته في السُّوَرِ الثلاث في رَكعات الوتر، فلمَّا عَجَزَ الواقعُ عَنْ جوابها غمزوا يحيى.
قلتُ: وليُحْذَر عَنْ مِثْلِهِ، فإِنَّهُ يُوْجِبُ هَدْم كثيرٍ من ذخيرةِ الأحاديث، ومَنْ ذا الذي لم يَجْرحْ فيه أحد، فَسَدِّدُوا وقَارِبُوا.
٢٩ - باب قِبْلَةِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَأَهْلِ الشَّأْمِ وَالْمَشْرِقِ لَيْسَ فِى الْمَشْرِقِ وَلَا فِى الْمَغْرِبِ قِبْلَةٌ، لِقَوْلِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - «لَا تَسْتَقْبِلُوا الْقِبْلَةَ بِغَائِطٍ أَوْ بَوْلٍ وَلَكِنْ شَرِّقُوا أَوْ غَرِّبُوا».
٣٩٤ - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ حَدَّثَنَا الزُّهْرِىُّ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ أَبِى أَيُّوبَ الأَنْصَارِىِّ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِذَا أَتَيْتُمُ الْغَائِطَ فَلَا تَسْتَقْبِلُوا الْقِبْلَةَ وَلَا تَسْتَدْبِرُوهَا، وَلَكِنْ شَرِّقُوا أَوْ غَرِّبُوا». قَالَ أَبُو أَيُّوبَ فَقَدِمْنَا الشَّأْمَ فَوَجَدْنَا مَرَاحِيضَ بُنِيَتْ قِبَلَ الْقِبْلَةِ، فَنَنْحَرِفُ وَنَسْتَغْفِرُ اللَّهَ تَعَالَى. وَعَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ عَطَاءٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا أَيُّوبَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - مِثْلَهُ. طرفه ١٤٤ - تحفة ٣٤٧٨
واعلم أنَّ ابن بَطَّال غَلِطَ في تفسيرِ هذه الترجمة، ونَسَبَ إلى المصنف رحمه الله ما لم يُرِدْهُ، وهو أنَّه لا قِبْلَةَ عنده في هاتين الجهتين في الدنيا بأسرها، ثم فَرَّع عليه أنَّ قول النبي صلى الله عليه وسلّم شرِّقوا أو غرِّبوا، عامٌّ عنده لكافةِ النَّاس، أهلِ المدينةِ وغيرِهم فيه سواء.