واعلم أنَّ أهل الجاهلية يعدون الدخول من الأبواب من محظورات الإِحرام، ويزعُمون ظِل الباب على الرأس كتغطيته، فكانوا يحترزون عنه. وفي «الفتح» أن العرب لم يكونوا يدخلون البيوت من الأبواب إلا الحمس. ودخل النبيُّ صلى الله عليه وسلّم مرةً بيتَه من الباب، وهو محرمٌ، فدخل معه رجلٌ آخر أيضًا، فقال النبي صلى الله عليه وسلّم «كيف دخلت من الباب؟ فأجاب لأنك دخلتَ منه، قال له: إني من الحُمْس، ولست منهم، فقال: ولكني على دينك»، فدل على أنَّ هذا لم يكن باطلا محضًا، فليفتش إسناده، فإنْ كان قويًا حدث إشكالٌ يحتاج إلى جوابه.
١٩ - باب السَّفَرُ قِطْعَةٌ مِنَ الْعَذَابِ
١٨٠٤ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ سُمَىٍّ عَنْ أَبِى صَالِحٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «السَّفَرُ قِطْعَةٌ مِنَ الْعَذَابِ، يَمْنَعُ أَحَدَكُمْ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ وَنَوْمَهُ، فَإِذَا قَضَى نَهْمَتَهُ فَلْيُعَجِّلْ إِلَى أَهْلِهِ». طرفاه ٣٠٠١، ٥٤٢٩ - تحفة ١٢٥٧٢
واعلم أنَّ واقعة ابن عمر هذه واحدةٌ قطعًا، وهي على نظر الحنفية، وليس فيها الجمع حقيقة، كما هو مصرَّحٌ عند أبي داود. ويقضي العجبُ من مثل الحافظ حيث ادَّعى أنهما واقعتان، مع اتحاد مادة القِصتين.