للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قوله: (أنت على علم ... إلخ) ولذا قلت: إن الأعلم في قول موسى عليه السلام كان على العرف، فعند هذا طرفٌ من العلم وعند هذا طرف، والبعض مشتركٌ وإنما الفضل لموسى عليه السلام.

قوله: (فجاءت عصفورة) وهو أيضًا تكوينٌ ليضرب له مثلًا. وعلم منه عقيدة النبيين في علم الله تعالى وأنه لا يُوازى بعلم الله شيء.

قوله: (أقل لك) كلمة لك لمزيد التأكيد. قال الزمخشري: وكنت في سفر فقلت لأعرابي وهذا الشغدف، فقال: نعم هذا شغنداف، كما يقال في الهندية روتى بك كئى؟ جواب دياجائى كه روتى بلكه روت ثم الزمخشري يمر على مواضع من القرآن وربما يقول: إنه لمزيد التصوير، كما يقال: سمعت بأذني ورأيت بعيني ومراده في الهندية: فوتؤاتارنا على حد قول الشاعر:

*وعينان قال اللَّهُ كونا فكانتا ... فعولان بالألباب ما تفعل الخمر

فقوله: «كونا» ههنا ألطف ما يكون، يعجِزُ عن إدراكه المعقولي، فإنه يقول: إن كل شيء بتكوين من الله تعالى، فلا وجه لتخصيص العينين. وسئل الشيخ صلاح الدين الصفدي السُّبكي عن قوله: إن واستطعماها، أوجز من قوله: {اسْتَطْعَمَآ أَهْلَهَا} [الكهف: ٧٧] فأجاب عنه السبكي وبيَّن الفرقَ بينهما ونكتة هذا التطويل (١).

قوله: (يريد أن ينقض) نسبَ فيه الفعلَ إلى الجماد، وهو مليحٌ جدًا عن البُلغاء.

قوله: (لو صبر ... إلخ) انكشف فيه عقيدة خاتم الأنبياء عليهم الصَّلاة والسَّلام في حق علمِهِ أيضًا.

قوله: (أقتلت) وقد روي في التفاسير أن خَضِرًا عليه الصَّلاة والسَّلام نَزَعَ اللحم عن كتفِهِ وأراه، فإذا فيه طبع يوم طبع: كافرًا، وهذا لا يخالف حديث الفِطرة وسيجيء في موضعه تحقيقه.

٤٦ - باب مَنْ سَأَلَ وَهْوَ قَائِمٌ عَالِمًا جَالِسًا

أي أن السائلَ قائمٌ والمسؤول عنه جالس، فهذا مجلسٌ سَطحي ليس فيه اهتمام بالفقه. فهل يجوز السؤال في مثل هذا الحال؟ أو يقال: إنه كان عنده حديث في هذا المضمون، فأراد أن لايتركه خاليًا عن الترجمة ويستفيدَ منه مَسْألة. وقد نُقل عن مالك ما يدلُ على أنه كان يكرهُ ذلك، فإنه مر على شيخ يحدث قومًا، فلم ير في المجلس فُسحةً فلم يقف، وذهب إلى وجهه


(١) قلت: والأسف كل الأسف على أنه لم يذكر ماذا كان جوابه، وقد استشكل جوابه على الفحول ذكره الشيخ بهاء الدين بن التقي السبكي عن والده التقي السبكي مفصلًا في كتابه "عروس الأفراح" في بحث مسألة: وضع المُظهرِ موضعَ المَضمر، فراجعه إن شئت: من البنوري (المصحح).

<<  <  ج: ص:  >  >>