١٨٦٩ - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِى أَخِى عَنْ سُلَيْمَانَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِىِّ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «حُرِّمَ مَا بَيْنَ لَابَتَىِ الْمَدِينَةِ عَلَى لِسَانِى». قَالَ وَأَتَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بَنِى حَارِثَةَ فَقَالَ «أَرَاكُمْ يَا بَنِى حَارِثَةَ قَدْ خَرَجْتُمْ مِنَ الْحَرَمِ». ثُمَّ الْتَفَتَ، فَقَالَ «بَلْ أَنْتُمْ فِيهِ». طرفه ١٨٧٣ - تحفة ١٢٩٩١
وفي كتب الحنفية، كما في «الدر المختار»: أن لا حَرَمَ للمدينة، مع ثبوته في الحديث ثبوتًا لا مردَّ له. وعندي هو قصورٌ في التعبير فقط، والأولى أن يقال: إن لها حرمًا، ولكن لا كحرم مكة، فإنَّ له أحكامًا ليست لحرم المدينة. ومن ادّعى اتحاد الأحكام بين الحرمين يحتجُ عليه بالتعامل، فيا أسفي على تعبيراتهم تلك، ولو أصلحوها لم يرد عليهم ما أوردَ عليهم الخصوم، فإنَّ الحق قد يعتريه سُوءُ تعبير، فإنَّ التعاملَ لم يُجر إيجابَ الجزاء على من قطع أشجار الحرم.
كيف! وقد أمر النبيُّ صلى الله عليه وسلّم بقطعِ الأشجار عند بناء مسجده المبارك بنفسه، وإنما نهى عن قطعِ الأشجار التي منها بهاء الحرم وخضرته وزهرته. وما عند مسلم: أن سعد بن أبي وقاص أخذ ثياب غلامٍ رآه يقطعُ شجر الحرم، وأبى أنْ يردَّها على مولاه، وقال: إنها طعمةٌ من رسول الله صلى الله عليه وسلّم فليس من باب إيجاب قيمته أصلا، بل هو تعزيزٌ مالي فقط، ألا ترى أنه لم يذهب أحد في حرم مكة إلى أنَّ من قطعَ شجرةً تُسلب عنه ثيابه، فكيف بحرمِ المدينة؟ وإنما الواجبُ عليه قيمته لا غير، فهذا باب آخر.