للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يَهْتَمُّوا بهذا البرِّ الذي لا برَّ فوقه، لا أن يَشْغَفُوا بما لا يُغْنِيهم، ويَلْهُوا عما يعنيهم.

وهكذا فيما نحن فيه، شقَّ على بعضهم الفِطْرُ، وهم في شهر رمضان، فلم يُفْطِرُوا حتى غُشِيَ عليهم، ولم يَنْظُرُوا إلى أن الصومَ بهذه المشقَّة يوجبُ النقصانَ في كثيرٍ من الفرائض. فالذي ينبغي أن يُرَاعَى الأهمُّ فالأهمُّ، ويُعْمَلَ بالرُّخَصِ عند تعسُّر العمل بالعزيمة. وبعبارةٍ أخرى: إن قلَّة الفِقْه مع حُسْنِ النيَّة قد يُوجبُ الاهتمام في الأمور اليسيرة، والتغافُل عن الأمور العظيمة. وهذا الاهتمامُ والاحتياطُ قد يَعُودُ وَبَالا في حقِّه، فنبَّه عليه الشرعُ، أن يقدِّم الأقدمَّ فالأقدمَّ. وفي مثله يأتي هذا التعبير قال الجامع: وكان الشيخُ يترجمه في لغتنا الأُرْدِيّة (اسمين نيك بخت بيوقوف كى اصلاح هى) ولعلّك عَلِمْتَ منه أن نفيَ البرِّ في النصِّ مَقْصُودٌ ومرادٌ، وفي الحديث اقتباسٌ منه، والكلامُ في مثله إنما يجري في الأصل المُقْتَبَس عنه.

٣٧ - باب لَمْ يَعِبْ أَصْحَابُ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - بَعْضُهُمْ بَعْضًا فِى الصَّوْمِ وَالإِفْطَارِ

١٩٤٧ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ كُنَّا نُسَافِرُ مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَلَمْ يَعِبِ الصَّائِمُ عَلَى الْمُفْطِرِ، وَلَا الْمُفْطِرُ عَلَى الصَّائِمِ. تحفة ٧٣٧

والعجبُ من الشيخ النووي أنه ذكر مع هذه القطعة قطعةَ إتمام الصلاة في السفر وقَصْرِها أيضًا، ثم عَزَاه إلى مسلم، مع أنه ليس فيه اسمُها ولا رَسْمُها. وهذا نصُّه في باب صلاة المسافرين وقصرها: واحتجَّ الشافعيُّ ومُوَافِقُوه بالأحاديث المشهورةِ في «صحيح مسلم»، وغيره: أن الصحابةَ رضي الله تعالى عنهم كانوا يُسَافِرُون مع رسول الله صلى الله عليه وسلّم فمنهم القاصرُ، ومنهم المُتِمُّ، ومنهم الصَّائِمُ، ومنهم المُفْطِرُ، لا يَعِيبُ بعضُهم على بعضٍ. اهـ.

٣٨ - باب مَنْ أَفْطَرَ فِى السَّفَرِ لِيَرَاهُ النَّاسُ

١٩٤٨ - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ طَاوُسٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَى مَكَّةَ، فَصَامَ حَتَّى بَلَغَ عُسْفَانَ، ثُمَّ دَعَا بِمَاءٍ فَرَفَعَهُ إِلَى يَدَيْهِ لِيُرِيَهُ النَّاسَ فَأَفْطَرَ، حَتَّى قَدِمَ مَكَّةَ، وَذَلِكَ فِى رَمَضَانَ فَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَقُولُ قَدْ صَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَفْطَرَ، فَمَنْ شَاءَ صَامَ، وَمَنْ شَاءَ أَفْطَرَ. أطرافه ١٩٤٤، ٢٩٥٣، ٤٢٧٥، ٤٢٧٦، ٤٢٧٧، ٤٢٧٨، ٤٢٧٩ - تحفة ٥٧٤٩

٣٩ - باب {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ} [البقرة: ١٨٤]

قَالَ ابْنُ عُمَرَ وَسَلَمَةُ بْنُ الأَكْوَعِ: نَسَخَتْهَا: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (١٨٥)} [البقرة: ١٨٥].

<<  <  ج: ص:  >  >>