للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

{فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ (٤) الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ (٥)} [الماعون: ٤ - ٥] الخ. وقد عَلِمْتَ: أن الإتيان إلى الصلاة هو الإتيان إلى الجماعة، ومن فاتته الجماعة، فقد فاتته الصلاة في نظر الشرع، وحينئذٍ فالذين يتخلَّفون عن الجماعات، ويَتَكَاسَلُون فيها هم مُنَافِقُون في لسان القرآن ولذا سمَّاهم الحديث أيضًا منافقين. وأمَّا وجهُ التردُّد في تعيين النِّفَاق، فلأنَّ صَدْرَ الآية الأولى يَدُلَّ على كونها في النفاق الاعتقادي لاشتمالها على ذكر خِدَاعهم، وعَجُزَها على كونها في النفاق لقوله تعالى: {وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَاّ قَلِيلًا}، ومع هذا أظنُّ أنها في الاعتقادي.

أمَّا الثانية والثالثة، ففي النفاق الاعتقادي قطعًا، وحينئذٍ إن كان المراد في الحديث هو العملي، كما ذهب إليه الحافظ، فهو من باب إلحاق الجنس بالجنس عندي، فإِن نفاقَ العمل إذا بَلَغَ نهايته، وصار بحيث لا يتحمَّلُه الشرع أُلْحِقَ بالنفاق الحقيقي الاعتقادي.

والحاصل أن الآيات في حقِّ المنافقين. أمَّا الحديثُ، فيُمْكِنُ أن يكونَ في حقِّ المنافقين، كما يُمْكِنُ أن يكونَ في حقِّ المسلمين المُسْرفين، إلا أن نفاقهم العملي لمَّا بَلَغَ نهايته سدَّ مسد النفاق الاعتقادي، ثم أُلْحِقُوا بهم على طريق إلحاق الجنس بالجنس الآخر، وأُجْرِي عليهم ما يجري على المنافقين اعتقادًا. ثم الحديثُ اسْتُدِلَّ به على كراهة الجماعة الثانية وعلى عدمها، وكلاهما عدولٌ عن الصواب، وقد قرَّرناه في درس الترمذي.

٣٠ - باب فَضْلِ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ

وَكَانَ الأَسْوَدُ إِذَا فَاتَتْهُ الْجَمَاعَةُ ذَهَبَ إِلَى مَسْجِدٍ آخَرَ. وَجَاءَ أَنَسٌ إِلَى مَسْجِدٍ قَدْ صُلِّىَ فِيهِ، فَأَذَّنَ وَأَقَامَ وَصَلَّى جَمَاعَةً.

٦٤٥ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ تَفْضُلُ صَلَاةَ الْفَذِّ بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً». طرفه ٦٤٩ - تحفة ٨٣٦٧ - ١٦٦/ ١

٦٤٦ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ حَدَّثَنِى ابْنُ الْهَادِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَبَّابٍ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ تَفْضُلُ صَلَاةَ الْفَذِّ بِخَمْسٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً». تحفة ٤٠٩٦

٦٤٧ - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ قَالَ حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا صَالِحٍ يَقُولُ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «صَلَاةُ الرَّجُلِ فِى الْجَمَاعَةِ تُضَعَّفُ عَلَى صَلَاتِهِ فِى بَيْتِهِ وَفِى سُوقِهِ خَمْسًا وَعِشْرِينَ ضِعْفًا، وَذَلِكَ أَنَّهُ إِذَا تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الْمَسْجِدِ لَا يُخْرِجُهُ إِلَاّ الصَّلَاةُ، لَمْ يَخْطُ خَطْوَةً إِلَاّ رُفِعَتْ لَهُ بِهَا دَرَجَةٌ، وَحُطَّ عَنْهُ بِهَا خَطِيئَةٌ، فَإِذَا صَلَّى لَمْ تَزَلِ الْمَلَائِكَةُ تُصَلِّى عَلَيْهِ مَا دَامَ فِى مُصَلَاّهُ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَيْهِ، اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ. وَلَا يَزَالُ أَحَدُكُمْ فِى صَلَاةٍ مَا انْتَظَرَ الصَّلَاةَ». أطرافه ١٧٦، ٤٤٥، ٤٧٧، ٦٤٨، ٦٥٩، ٢١١٩، ٣٢٢٩، ٤٧١٧ - تحفة ١٢٤٣٧

<<  <  ج: ص:  >  >>