١١٥٨ - وَكَانُوا لَا يَزَالُونَ يَقُصُّونَ عَلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - الرُّؤْيَا أَنَّهَا فِى اللَّيْلَةِ السَّابِعَةِ مِنَ الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ، فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «أَرَى رُؤْيَاكُمْ قَدْ تَوَاطَتْ فِى الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ، فَمَنْ كَانَ مُتَحَرِّيْهَا فَلْيَتَحَرَّهَا مِنَ الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ». طرفاه ٢٠١٥، ٦٩٩١ - تحفة ٧٥٦٣ أ
والرَّجُل إذا تعارَّ مِن الليل يسبقُ منه اللَّغَطُ والسُّخْط فأَصْلَه الشَّرْع وجَعَل مكانَه هذا الذِّكْر.
١١٥٨ - قوله:(قد تَواطَتْ في العَشْر الأواخِرِ) أي في كونِ ليلةِ القَدْر فيها. واعلم أَنَّ الشَّارِحين جُمْلَتهم ذهبوا إلى أنَّ القيامَ المشروعَ لحال ليلة القَدْر إنَّما هو في أَوْتارِ العَشْر الأواخِر فقط. وقد تبينَ لي كَوْنُهُ في جميع العَشْر وإن كانت ليلةُ القَدْر في الأَوتار فقط. ولذا سُنَّ الاعتكافُ في العَشْر كُلِّها، وهو مرادُ الأحاديث عندي إن شاء الله تعالى وإن لم يذهبْ إليه أحدٌ ثُم لا يخفى عليك أني لا أخالفهم في باب المسائل بحيث يُوجِب اختلافًا في عملٍ أو اعتقادٍ، وإنما أَذكرُ التوجهياتِ والمحامِل للأحاديثِ على نحو ما يُفْهِمني رَبِّي. فلا ترم بي أني أخالِفُ السَّلفَ أو أساميهم في شيء. فإِنَّ المُعْتَقَد ما اعتقدوه، والسبيلَ ما سَلَكُوه، والأحكامَ ما أسَّسوها، والفروعُ ما فروعها. بيد أنَّ الرجلَ إِذ يَسْنَح له أَمْرٌ مما لا يجب فيه تقليدُهم يبوح به. وبعد فما أُريدُ منه إلا الإصلاح ما استطعت وإنما المَقْبُوح مَنْ خالفهم في مسائلهم، أو اخترع سُنَّة غَيْرَ سُنَّتهم، أو نهج غَيْرَ منهجهم. فذلك أَمْرٌ مما نستعيذُ منه بربِّنا الكريم.
٢٢ - باب الْمُدَاوَمَةِ عَلَى رَكْعَتَىِ الْفَجْرِ
ومَنْ ههنا ذهب الحَسَن البصري رحمه الله تعالى إلى وجوبها، وهو رواية عن أبي حنيفةَ رحمه الله تعالى أيضًا.
قوله:(ثمان ركعات) والعجب من الراوي حيث ترك فيه ذِكْرَ الوِتْر مع كونِه دعامةً في أحاديث صلاة الليل. وهو مذكورٌ عند أبي داود في هذه الرواية بعينها:«وركعتين جالسًا». وهاتان الركعتان ليستا عند البخاريّ رحمه الله تعالى في غير هذا الموضع. ولكنَّه لم يترجم عليهما لأنه لم يذهب إليهما. وتردَّد فيها مالك رحمه الله تعالى أيضًا كما مرّ، مع أن الأحاديثَ قد صحَّت فيهما. بقي أن الجلوسَ فيهما اتفاقي أو قصدي؟ فاختار النووي رحمه الله تعالى الأول. وعندي المختار هو الثاني لأنهما لم تَثْبُتا عنه قائمًا قط. فَحَمْلُ فِعْله في جميع عُمُرِه على الاتفاق مما يصادِمُ البداهةَ، وإذن هو قَصْدي، وقد مَرَّت نكتتُه مِن قبل.