للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

من التقسيم إلا الحَصْرُ، فيدخل فيه مَنْعَ الخُلُوِّ عَقْلا، والحاصل أَنَّها للانفصال مُطْلقًا، سواء كان مَنْعًا، أو جَمْعًا، هذا هو التحقيقُ وإن لم يذكروه في كُتُبهم. فإِن قُلت: إنَّ قوله تعالى: {فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ لَشَهَادَتُنَا أَحَقُّ مِنْ شَهَادَتِهِمَا} دليلٌ على أن الشهادةَ توجَّهت إلى المُدَّعى عليهم أيضًا، فكيف يستقيمُ الحَصْرُ على مذهبكم؟ قلت: المُدَّعي عليهم صاروا هناك مُدَّعِين مِن وَجْه، وقد أَبْدَع فيه الشاه عبدُ القادر، وترجمة بالبينان الخلفي، ولم يكتبه فقهاؤنا (١)؛ فإِنَّهم لا يُسمّون الشهادةَ إلا ما كانت في مَجْلِس القضاء. أما أهلُ العَرْف فيقولون عند نَقْل الأخبار: شْهدُ بكذا مُطْلقًا، وإن لم يكونوافي مَجْلِس القضاء. فالشهادةُ عندهم أَعمُّ مما في الفِقْه، فاسترحنا عن الإِشكال. والجواب؛ وقلنا: إنَّ تلك الشهادةَ ليست ما تكون في مَجْلِس القضاء، ليخالِفَ الحَصْرَ المستفادَ من «إما»، و «أو»، بل هي ما تكون فيما بينهم. فإِذن تسمتُهما شهادة ليست على اصطلاح الفقهاء، بل جَرْبًا على العُرْف، فلا سؤال، ولا جواب.

٢١ - باب إِذَا ادَّعَى أَوْ قَذَفَ، فَلَهُ أَنْ يَلْتَمِسَ الْبَيِّنَةَ، وَيَنْطَلِقَ لِطَلَبِ الْبَيِّنَةِ

٢٦٧١ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى عَدِىٍّ عَنْ هِشَامٍ حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - أَنَّ هِلَالَ بْنَ أُمَيَّةَ قَذَفَ امْرَأَتَهُ عِنْدَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - بِشَرِيكِ بْنِ سَحْمَاءَ، فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «الْبَيِّنَةُ أَوْ حَدٌّ فِى ظَهْرِكَ». فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِذَا رَأَى أَحَدُنَا عَلَى امْرَأَتِهِ رَجُلًا يَنْطَلِقُ يَلْتَمِسُ الْبَيِّنَةَ فَجَعَلَ يَقُولُ «الْبَيِّنَةَ وَإِلَاّ حَدٌّ فِى ظَهْرِكَ». فَذَكَرَ حَدِيثَ اللِّعَانِ. طرفاه ٤٧٤٧، ٥٣٠٧ - تحفة ٦٢٢٥

يعني أن الفاذِفَ إذا قَذَف لا يُقام عليه الحَدُّ ولكن يُمْهَلُ ريثما يلْتَمِس البينةَ، ولا يَرْهَقُ مِن أَمْره عُسْرًا.

٢٦٧١ - قوله: (البيِّنةُ، أو حَدُّ في ظَهْرِك). وإنما كَرَّرَه النبيُّ صلى الله عليه وسلّم تأكيدًا، ولم يَعْبَأ بما اعتذره؛ ورَدَّ عليه بأنك نَظَرْت إلى جانبٍ، ولم تنظر إلى أنا حَكَمْنا الرَّجْم بمجرِد دَعَاوَى النَّاسِ، لفسدت الدنيا، فليراعَ الطرطانِ، وليوفّر الحظان.

٢٢ - باب الْيَمِينِ بَعْدَ الْعَصْرِ

٢٦٧٢ - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِى صَالِحٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «ثَلَاثَةٌ لَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ، وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ وَلَا يُزَكِّيهِمْ، وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ رَجُلٌ عَلَى فَضْلِ مَاءٍ بِطَرِيقٍ يَمْنَعُ مِنْهُ ابْنَ السَّبِيلِ، وَرَجُلٌ بَايَعَ رَجُلًا لَا يُبَايِعُهُ إِلَاّ لِلدُّنْيَا، فَإِنْ أَعْطَاهُ مَا يُرِيدُ وَفَى لَهُ، وَإِلَاّ لَمْ


(١) قال الشاه عبد القادر في "فوائده": /اس جكه شهادت فرمايا إظهار كو مدعى إظهار كرى يا مدعى عليه جسى إقرار كوكهتى هين/، ولم أفز من تمام تقرير الشيخ في هذا الموضع، وقد ضاع منه شيءٌ، انخرم منه المرادُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>