في بيت أبي أيوب الأنصاريِّ، وكان البيت بناه تبع. وقصته: أنه خَرَجَ إلى أهل المدينة ليُحَارِبَهُمْ، فلماَّ دَنَا منها أخبره من معه من اليهود أنها مهاجر النبيِّ الأميِّ صلى الله عليه وسلّم فأعْرَضَ عنهم، وبَنَى بيتًا لخاتم الأنبياء صلى الله عليه وسلّم ولعلَّ هذا هو السِّرُّ في بروك راحلته عنده، فكان به حتى بَنَى المسجد، ولم يكن إذ ذاك عنده إلَاّ سَوْدَة، فبنى له بيتًا وحُجْرَة.
٣ - باب قَوْلِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -: «سُدُّوا الأَبْوَابَ، (١) إِلَاّ بَابَ أَبِي بَكْرٍ»
قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -.
٣٦٥٤ - حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ قَالَ حَدَّثَنِى سَالِمٌ أَبُو النَّضْرِ عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ - رضى الله عنه - قَالَ خَطَبَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - النَّاسَ وَقَالَ «إِنَّ اللَّهَ خَيَّرَ عَبْدًا بَيْنَ الدُّنْيَا وَبَيْنَ مَا عِنْدَهُ فَاخْتَارَ ذَلِكَ الْعَبْدُ مَا عِنْدَ اللَّهِ». قَالَ فَبَكَى أَبُو بَكْرٍ، فَعَجِبْنَا لِبُكَائِهِ أَنْ يُخْبِرَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ عَبْدٍ خُيِّرَ. فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - هُوَ الْمُخَيَّرُ وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ أَعْلَمَنَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّ مِنْ أَمَنِّ النَّاسِ عَلَىَّ فِى صُحْبَتِهِ وَمَالِهِ أَبَا بَكْرٍ، وَلَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلًا غَيْرَ رَبِّى لَاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ، وَلَكِنْ أُخُوَّةُ الإِسْلَامِ وَمَوَدَّتُهُ، لَا يَبْقَيَنَّ فِى الْمَسْجِدِ بَابٌ إِلَاّ سُدَّ، إِلَاّ بَابَ أَبِى بَكْرٍ». طرفاه ٤٦٦، ٣٩٠٤ - تحفة ٣٩٧١ - ٥/ ٥
واختلف الرواةُ بين ذكر الباب، أو الخَوْخَةِ.
٤ - باب فَضْلِ أَبِي بَكْرٍ بَعْدَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -
٣٦٥٥ - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ كُنَّا نُخَيِّرُ بَيْنَ النَّاسِ فِى زَمَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَنُخَيِّرُ
(١) نقل في "المعتصر" أولًا: الأمرُ بسدِّ الأبواب إلَّا باب أبي بكرٍ، ثم نَقَلَ في عليٍّ مثله، ثم قال: لا تَضَادَّ، ولا اضطرابَ فيما روينا، إذ يَحْتَمِلُ أن يكونَ الأمرُ بالسَّدِّ في قولين مختلفين. فكان الأوَّلُ منهما أمرَه بسدِّ تلك الأبواب، إلَّا الباب الذي استثناه، إمَّا باب أبي بكر، وإمَّا باب عليّ. ثمَّ أَمَرَ بعد ذلك بسدِّ الأبواب التي أمر بسدِّها بقوله الأوَّل، ولم يَكُنْ منها الباب الذي استثناه بقوله الأول. واستثنى بقوله الثاني البابَ الثاني، أو باب أبي بكرٍ إن كان المُسْتَثْنَى الأول باب عليّ، أو باب عليّ إن كان المُسْتَثْنَى الأوَّل باب أبي بكر، فعاد البابان مُسْتَثْنَيَيْن بالاستثناءين جميعًا. ولم يكن ما أمر به آخرًا رجوعًا عمَّا كان أمر به أولًا. وكان ما اختصَّ به أبو بكرٍ وعلي، كما اختصَّ غيرهما من الصحابة، كاختصاص عمر بأنه من المُحَدَّثين، واختصاص عثمان باستحياء الملائكة منه، واختصاص طلحة بإِخباره عنه: أنه ممَّن قَضَى نَحْبَهُ، واختصاص الزُّبَيْر بقوله: "إن لكلِّ نبيٍّ حَوَارِيًّا، وحَوَارِيَّ الزُّبَيْر" -والحَوَارِيُّ: الناصر- واختصاص سعد بن مالك بجمعه له أَبَوَيْهِ جميعًا، بقوله يوم أحد: "ارم فِدَاكَ أبي وأمي"، وفي أبي عُبَيْدَة بن الجرَّاح بأنه أمين الأُمَّة. فهذه خصائص اختصَّ بها النبيُّ صلى الله عليه وسلم من أصحابه من اختصَّه بها، ممَّن اختصَّه الله منهم، اهـ. وراجع "عمدة القاري".