أجلٍ، ثم باعه، فهل له أن يَقْبِضَ بدِرْهَمَيْن؟ فذلك في التقدير بيع دِرْهَمٍ بدرهمين، والطعام مُرْجَأٌ، أي غائبٌ، فلا بُدَّ في البيع من استيفاء الطعام.
٢١٣٥ - قوله:(لا أَحْسِبُ كُلَّ شيءٍ إلا مِثْلَهُ) وظاهرُ عبارته تُوَافِقُ محمدًا في عدم جواز التصرُّف في المبيع قبل القبض مطلقًا. وأمَّا عند الشيخين، فيَصِحُّ في العَقَار دون المنقولات، لأن العَقَار لا يَسْرِي إليه الهلاك. قال المحشي: اختلفوا في بيع المبيع قبل القبض، فقال الشافعيُّ: لا يَصِحُّ سواء كان طعامًا أو عَقَارًا، وقال أبو حنيفة: يجوز في العَقَار، وقال مالك: لا يجوز في الطعام، ويجوز فيما سواه، كذا قاله الطِيبيُّ.
واعلم أن الاختلافَ المذكورَ إنما هو في البيع خاصةً، لا في سائر التصرُّفات، لأنهم جوَّزُوا الهِبَة والتصدُّقَ قبل القبض، كما في «النهاية» و «البحر» عن محمد. ولذا تَرَى أربابَ المتون لم يَضَعُوا المسألةَ إلا في البيع. ففي «الهداية»: من اشترى شيئًا مما يُنْقَلُ ويُحَوَّلُ، لم يَجُزْ له بيعه، حتى يَقْبِضَهُ. ويجوزُ بيع العَقَار قبل القبض عند أبي حنيفة، وأبي يوسف. وقال محمد: لا يَجُوزُ.
وهذا القدرُ مُجْمَعٌ عليه، وإن اختلفوا في صور القبض.