كيف! وهم صرَّحوا أن لفظة: "أو" في الخبر لا تكون للتخيير مع أنها موضوعةٌ له، فما لغيره نحو: صاعد؟ فهو في الخبر على ما قد وقع، وفي الإنشاء على ما سيقع من تحقق الأقل فقط، أو مع ما فوقه. هذا باعتبار الوجود. وأمَّا باعتبار الاندراج تحت صيغة الأمر مثلًا، فإنه لا بدَّ أن يكونَ الزائدُ أيضًا مأمورًا به، كما عند أبي داود، عن زهير أحسبه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "هاتوا ربع العشر: من كل أربعين درهمًا: درهمٌ، وليس عليكم شيء حتى تُتِمَّ مائتي درهمٍ، فإذا كانت مائتي درهمٍ، ففيها خمسة دراهم، فما زاد فعلى حساب ذلك". اهـ. فقد يكون عند المالك ما زاد، وقد لا يكون. وإذا كان، فالحكم الوجوب، لا غير. وهذا كله على تقدير أن تكون الفاتحة واجبة في الأُخرَيَين على روايته عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى. اختارها الشيخ ابن الهُمَام. واعلم أني كنتُ أردتُ أن أشرحَ هذا المقام إلى آخر الكلام، لكن دِقَّة المرام مَنَعتني عن إمضاء عزيمتي، فاكتَفَيت بهذا القدر، وسيكفي لحلِّ مسألتنا إن شاء الله تعالى.