للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٧٥٥ - قوله: (شَكَا أهل الكُوفَة) يعني من جُهَلائِهِمْ الذين كانوا لا يُحْسِنُون الصلاة.

قوله: (وأُخِفُّ): من التخفيف، وفي نسخةٍ: «وأَحْذِف». واستدلَّ منه الشيخُ العَيْنِي رحمه الله تعالى على عدم فرضية القراءة في الأُخْرَيَيْن، وسكت عليه الحافظ رحمه الله تعالى.

قلتُ: والدلائلُ على وجوبها كثيرةٌ، ولم أَرَ لعدم الوجوب إِلا أَثَرَيْن: أحدهما عن ابن مسعود، والآخر عن عليّ رضي الله عنهما، غير أن الفصلَ إنما يكون بالتعامُل، فلينظره. بقي تمسُّك العَيْني رحمه الله تعالى من نسخة: «أحذف»، فالإِنصافُ أن المرادَ منه التخفيف.

[فائدة]

واعلم أن الشيخَ العَيْنِي كان أسنَّ من الحافظ رحمهما الله تعالى، وقد بقي بعده ثلاث سنين، وكان عمره تسعين، وكان يُؤَلِّفُ: «شرح الهداية في نور المصباح»، وألَّف: «شرح الكنز» في ثلاثة أشهر.

قوله: (أَمَّا إذا نَشَدْتَنَا ... ) إلخ، يعني إذا تُنْشِدُنا بالله، فاعلم أن ما ذكرناه كان حيلَة للشِّكاية، أمَّا حقيقةُ الأمر، فهو هذا ... إلخ.

قوله: (ارجع فَصَلِّ). هذا الحديث: حديثُ مُسِيء الصلاة. قال الشيخُ تقي الدين ابن دقيق العيد: إنه يجب على المُحَدِّث أن يَجْمَعَ طُرُقه، فإِنه تعليمٌ لشرائع الصلاة من قِبَل صاحب النبوة. قال الحافظ ابن حَجَر رحمه الله تعالى: أني امْتَثَلْتُ أمره، فأخذت عنه ثمانين مسألةً،


= والحاصل: أنه خَالَ بعضْهم أنه لجواز الاقتصار على ما قبله دائمًا، بعضُهم أنه للجمع دائمًا، وليس كذلك، بل يأتي فيما يأتي فيه الاقتصار في بعضه، والجمع في بعض. ومتى كان الجمع، ففي حكم ما قبله، وهذا الذي عَنَيْنَاه بقولنا: إنه للتقسيم على الأبعاض، فحيث شُرِعَت السورةُ كالأولَيين فواجبةٌ كالفاتحة، وحيث لم تكن كما في الأُخْرَيَيْن فليست، لا أنها سنةٌ في الأوَلَييْن مع كونها مشروعةً فيها، والفاتحة ركنٌ، ليفرِّق الحكم بين ما قبله وما بعده. على أن قوله: "لا صلاة ... ". إلخ ليست صيغة إنشاء على نحو: بِعْه بدرهمٍ فصاعدًا، فإنه لا يدري فيه بَعْدُ ماذا يقع به البيع. بل صيغة خبرٍ على نحو: بِعْهُ بدرهمٍ فصاعدًا بعد ما انكشف الحال.
كيف! وهم صرَّحوا أن لفظة: "أو" في الخبر لا تكون للتخيير مع أنها موضوعةٌ له، فما لغيره نحو: صاعد؟ فهو في الخبر على ما قد وقع، وفي الإنشاء على ما سيقع من تحقق الأقل فقط، أو مع ما فوقه. هذا باعتبار الوجود. وأمَّا باعتبار الاندراج تحت صيغة الأمر مثلًا، فإنه لا بدَّ أن يكونَ الزائدُ أيضًا مأمورًا به، كما عند أبي داود، عن زهير أحسبه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "هاتوا ربع العشر: من كل أربعين درهمًا: درهمٌ، وليس عليكم شيء حتى تُتِمَّ مائتي درهمٍ، فإذا كانت مائتي درهمٍ، ففيها خمسة دراهم، فما زاد فعلى حساب ذلك". اهـ. فقد يكون عند المالك ما زاد، وقد لا يكون. وإذا كان، فالحكم الوجوب، لا غير. وهذا كله على تقدير أن تكون الفاتحة واجبة في الأُخرَيَين على روايته عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى. اختارها الشيخ ابن الهُمَام. واعلم أني كنتُ أردتُ أن أشرحَ هذا المقام إلى آخر الكلام، لكن دِقَّة المرام مَنَعتني عن إمضاء عزيمتي، فاكتَفَيت بهذا القدر، وسيكفي لحلِّ مسألتنا إن شاء الله تعالى.

<<  <  ج: ص:  >  >>