قلت: ولعله قسم المقاولةَ باعتبار الجنس، فإِنها إذا اشتملت على ما لا ينبغي تكون مذمومةً، بخلاف مقارَفة الأهل فإِنها غيرُ مذمومة مطلقًا، وإِذَن حاصِله على مذهب الطحاوي رحمه الله تعالى أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - لم يأمر أحدًا مِمن حضر من ذوي محارِمها، لأنه عَلِم من حالهم تلك المقارَفة، وأما زوجها فلم يكن له أن يدخل قبرها لانقطاع الزوجية عنده فصار كالأجنبي وأما حاصله على مذهب غيره ممن لا يرون ذلك، فلعله عَلِم مِنْ حاله أيضًا تلك المقاولة المذمومة فنهاه لذلك، وإِن جاز له إِدخالُها، لكنه أحبَّ لابنته أن يدخلها مَن يكون أبعدَ من تلك المقارفة أيضًا. قلت: وسيجيء عن الشيخ رحمه الله تعالى في باب الدفن بالليل أن الشيخ رحمه الله تعالى رَدَّ على مَنْ ظن انقطاع الزوجية بعد الوفاة، وها هو ذا قد صرَّح به الطحاوي رحمه الله تعالى. وكونه مذهبًا فلا أدري ماذا أراد الشيخ رحمه الله تعالى. هل خالف الطحاوي رحمه الله تعالى في المسألة أم غَلِطت أنا في النقل عنه، والله تعالى أعلم. واعلم أن كلام الطحاوي المذكور ليس في معنى المقارفَة قصدًا، وإنما مرَّ عليه الطحاوي في ذيل الكلام، وإنما مقصوده ههنا البحثُ عن إدخال الميت في القبر إذا كان امرأة: مَنْ يقدَّم فيه، ومَنْ يجوز له، ومَنْ لا يجوز؟ وذكر العيني رحمه الله تعالى عن بعضهم أنه - صلى الله عليه وسلم - إنما عيّن أبا طلحة لأن ينزل في القبر، لأن ذلك كان صنعتَه. وفي "الاستيعاب" في ترجمة أُمِّ كلثوم: استأذَن أبو طلحة أن يَنْزل في قبرها فأذن له. اهـ مختصرًا.