للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[مسألة]

يجوزُ للأجانب إنزالُ الميتِ في القبر عند الحاجة، وإن كان الأَوْلَى هو الزَّوْج والأَقارب.

قوله: (قد كان عُمرُ رضيا للَّهُ عنه يقولُ بَعْضَ ذلك) وكأنَّ ابنَ عباس رضي الله عنه لم يُسَلِّم عذابَ الميتِ بِبُكَاءِ الحيِّ.

قوله: (صَدَرْتُ مَعَ عمرَ رضي اللَّهُ عنه) وهذا آخِرُ حجة، ثم استُشْهِد بَعْدَهُ.

قوله: (إنَّ اللَّهَ لَيزيدُ الكافِرَ عذابًا) ... إلخ. وهذا مضمونٌ آخَرُ غير ما مرَّ. وفيه: أنَّ العذابَ عليه من معاصيه، ولكنَّ اللَّهَ يزيدُهُ عذابًا من نياحَتِهم وقد آخَذَهُ القرآنُ أيضًا في واضعَ. ونَبَّه ابنُ المنير على أنَّ مِنْ سُنَّة اللَّهِ تعالى أن العبدَ إذا ازداد في الكفر يزادُ عليه بعضُ الكفر نكالا. ومنه قوله تعالى: {فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا} [البقرة: ١٠] فاقترفوا الكُفْرَ هؤلاء من عِنْد أَنْفُسِهم فعُوقِبُوا بِكُفْرٍ آخَرَ من عنده تعالى.

٣٣ - باب مَا يُكْرَهُ مِنَ النِّيَاحَةِ عَلَى الْمَيِّتِ

وَقَالَ عُمَرُ - رضى الله عنه - دَعْهُنَّ يَبْكِينَ عَلَى أَبِى سُلَيْمَانَ مَا لَمْ يَكُنْ نَقْعٌ أَوْ لَقْلَقَةٌ. وَالنَّقْعُ التُّرَابُ عَلَى الرَّأْسِ، وَاللَّقْلَقَةُ الصَّوْتُ.

١٢٩١ - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُبَيْدٍ عَنْ عَلِىِّ بْنِ رَبِيعَةَ عَنِ الْمُغِيرَةِ - رضى الله عنه - قَالَ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «إِنَّ كَذِبًا عَلَىَّ لَيْسَ كَكَذِبٍ عَلَى أَحَدٍ، مَنْ


= لانقطاع ما كان بينهما في حياتها بوفاتها، ثم ذكر الجواب عما رُوي في أبي طلحةَ أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمره أن ينزل في قبرها فقال: "هذا مما يبعد، لأن أبا طلحة لم يكن من محارمها، اللهم إلا أن يكون لم يحضر قبرها حينئذٍ من ذوي محارمها غيرُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاحتاج إلى معونته". فاتسع له ما يتسع للأجنبي انتهى بتلخيص.
قلت: ولعله قسم المقاولةَ باعتبار الجنس، فإِنها إذا اشتملت على ما لا ينبغي تكون مذمومةً، بخلاف مقارَفة الأهل فإِنها غيرُ مذمومة مطلقًا، وإِذَن حاصِله على مذهب الطحاوي رحمه الله تعالى أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - لم يأمر أحدًا مِمن حضر من ذوي محارِمها، لأنه عَلِم من حالهم تلك المقارَفة، وأما زوجها فلم يكن له أن يدخل قبرها لانقطاع الزوجية عنده فصار كالأجنبي وأما حاصله على مذهب غيره ممن لا يرون ذلك، فلعله عَلِم مِنْ حاله أيضًا تلك المقاولة المذمومة فنهاه لذلك، وإِن جاز له إِدخالُها، لكنه أحبَّ لابنته أن يدخلها مَن يكون أبعدَ من تلك المقارفة أيضًا. قلت: وسيجيء عن الشيخ رحمه الله تعالى في باب الدفن بالليل أن الشيخ رحمه الله تعالى رَدَّ على مَنْ ظن انقطاع الزوجية بعد الوفاة، وها هو ذا قد صرَّح به الطحاوي رحمه الله تعالى. وكونه مذهبًا فلا أدري ماذا أراد الشيخ رحمه الله تعالى. هل خالف الطحاوي رحمه الله تعالى في المسألة أم غَلِطت أنا في النقل عنه، والله تعالى أعلم.
واعلم أن كلام الطحاوي المذكور ليس في معنى المقارفَة قصدًا، وإنما مرَّ عليه الطحاوي في ذيل الكلام، وإنما مقصوده ههنا البحثُ عن إدخال الميت في القبر إذا كان امرأة: مَنْ يقدَّم فيه، ومَنْ يجوز له، ومَنْ لا يجوز؟
وذكر العيني رحمه الله تعالى عن بعضهم أنه - صلى الله عليه وسلم - إنما عيّن أبا طلحة لأن ينزل في القبر، لأن ذلك كان صنعتَه.
وفي "الاستيعاب" في ترجمة أُمِّ كلثوم: استأذَن أبو طلحة أن يَنْزل في قبرها فأذن له. اهـ مختصرًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>