قوله:(أَحَدٌ يكون للجَمْع) قلتُ: الأَحَد مُفْرد، لكنه في سياقِ النَّفي يفيدُ الاستغراق.
قوله:({الْوَتِينَ} نِياطُ القَلْب) أي هي عِرْق يتعلق القلبُ بها. واعلم أن لعين القَاديان قد تمسّك بها على صِدْقه، بأنه لو كان كاذِبًا لقطع منه الوَتِين أيضًا.
قلتُ: أين هذا اللعين مِن الآية. فإِنّ فيهما قطع الوتين، لمن تقوّل على الله من الأنبياء الصادقين، وأما الكاذبون فهم خارجون عن الخطاب، فإِنّ العقوبة إنما تَحُل بمن كان صاحب سِرِّك، وعَيْبتك، وكَرشك، ولا تمهله أنت حتى يكذِّب عليك أَلْف كذبة، بخلاف مَنْ كان عَدوًا لك، فإِنّك تستدرِجُه على حين غَفْلة، فتأخذه أَخْذَة الأسف.
فالأنبياءُ عليهم السلام لو كَذبوا على الله والعياذ بالله، لهلكوا معًا، وذلك لأنَّ الله تعالى إذا صَدّقهم بإِظهار المعجزات على أيديهم، فلو تَرَكهم يكذبون عليه، لكان فيه تلبيسٌ على النَّاس بين الحقّ والباطل، فالناس في أمن منهم، يعلمون أنَّ ما يقولونه يكون حَقًّا ومصدّقًا من الله، وحينئذٍ لو افترى على الله، ثُم لا ينتقم اللهُ منه، فما الإِثمُ عليهم لو أطاعوه في مفترياتِهم. فظهر أنَّ الخِطاب في الآية مع الرُّسل والأنبياء عليهم السلام، دون الكاذبين والدجاجلة، فإِنّ الربّ متى صَدّقهم، وإنّما اللّوم والشَّين على مَنْ صَدّقوه بدون سابقيةِ أَمْره في كتابٍ ولا سُنّة، ولا تصديقَ رَبِّهم من فوق العَرْش، فأي لَبْس، لو تركه يتقوّل على الله حتى يكونَ إجحافُه مرّةً واحدة. فهذا المعيارُ للصادقين دون الكاذبين، على أنَّ في الآية إخبارًا بإِرادة جزئية في حقّ النبيِّ صلى الله عليه وسلّم لا استدلالًا على صِدْقه بِسُنّة كُلّية في الأنبياء، يعني أنَّ هذا النبيَّ الذي تحسبونه كاذبًا، لو تقوّل علينا،