فيه؟ ثم لم أزل أتفكَّر في مناط الاستثناء أنه كونه رخيصًا ومحقَّرًا، أو كونه مروّجًا فيهن.
وسياق الحديث يدل على أنه كان محقرًا عندهم، ولذا أُبيح في الإحداد، وما فَسَّر به عامةُ الناس يُشْعِر بكونه ثمينًا، ووجهه أنه لم يتنقَّح عندهم المناط حتى إن ابنَ القيِّم مرَّ عليه ولم يكتب شيئًا شافيًا، والذي يظهر لي أن ثوب العَصْب ثمينًا كان أو رخيصًا، خشنًا كان أو رقيقًا، إنما أُبيح لهنّ في الإحداد لأنه كان هو لباسهن إذ ذاك، فلو مُنِعْنَ عنه أيضًا لضاق الأمر عليهن لقلة الثياب إذ ذلك، فكأنه من باب اختلاف عصر وزمان لا دليل وبرهان. ثم إن عند النسائي: «ولا ثوب عَصْب» بدل الاستثناء في هذا الحديث بعينه، فانعكس المراد، ولا أعلم أيهما أصح. والله تعالى أعلم. ويمكن أن يكون تصحيف «إلا» حرف الاستثناء.
٣١٣ - قوله: (كست) قيل: هو كب ويقال: له القُسْط، يوجد في بلاد الكشمير والصين.
قوله: (أظفار) وفي نسخة: «ظَفَار» قرية في أطراف البحرين، وإن كانت النسخة «الأظفار» فهو نوع طيب كان النساء يجعلنه على هيأة الظفر، وترجمته "نك".
١٤ - باب دَلْكِ الْمَرْأَةِ نَفْسَهَا إِذَا تَطَهَّرَتْ مِنَ الْمَحِيضِ
وَكَيْفَ تَغْتَسِلُ، وَتَأْخُذُ فِرْصَةً مُمَسَّكَةً فَتَتَّبِعُ بِهَا أَثَرَ الدَّمِ
٣١٤ - حَدَّثَنَا يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ مَنْصُورِ ابْنِ صَفِيَّةَ عَنْ أُمِّهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ امْرَأَةً سَأَلَتِ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ غُسْلِهَا مِنَ الْمَحِيضِ، فَأَمَرَهَا كَيْفَ تَغْتَسِلُ قَالَ «خُذِى فِرْصَةً مِنْ مِسْكٍ فَتَطَهَّرِى بِهَا». قَالَتْ كَيْفَ أَتَطَهَّرُ قَالَ «تَطَهَّرِى بِهَا». قَالَتْ كَيْفَ قَالَ «سُبْحَانَ اللَّهِ تَطَهَّرِى». فَاجْتَبَذْتُهَا إِلَىَّ فَقُلْتُ تَتَبَّعِى بِهَا أَثَرَ الدَّمِ. طرفاه ٣١٥، ٧٣٥٧ - تحفة ١٧٨٥٩ - ٨٦/ ١
والدَّلك شرط عند مالك كما علمتَ، ولا شك في كونه مطلوبًا عندنا أيضًا.
قوله: (فِرْصَة) "أون كى جتيا".
٣١٤ - قوله: (مُمَسَّكَة) قيل: من المِسْك، وقيل: من المَسْك بمعنى الجِلْد، قرىء مُمْسِكَة من الإمساك، وعلى الأوَّلَين يَرِد اعتراض الاشتقاق. راجعه في مواضعه.
قوله: (فتطهري بها) فإن كان مُمَسَّكَة من المِسْك فوجه الإشكال أن المِسْكَ لا يُتَطَهَّرُ به، بل يُتَطَيَّب به، فلم تفهم معنى التطهر بالمِسك، وإن كان من المَسْك بالفتح، فوجه الإشكال عدم درايتها طريق التطهر، حتى جذبتها عائشة رضي الله عنها وعلَّمتها.
١٥ - باب غُسْلِ الْمَحِيضِ
٣١٥ - حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ حَدَّثَنَا مَنْصُورٌ عَنْ أُمِّهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ امْرَأَةً مِنَ الأَنْصَارِ قَالَتْ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - كَيْفَ أَغْتَسِلُ مِنَ الْمَحِيضِ قَالَ «خُذِى فِرْصَةً مُمَسَّكَةً، فَتَوَضَّئِى ثَلَاثًا». ثُمَّ إِنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - اسْتَحْيَا فَأَعْرَضَ بِوَجْهِهِ أَوْ قَالَ «تَوَضَّئِى بِهَا» فَأَخَذْتُهَا فَجَذَبْتُهَا فَأَخْبَرْتُهَا بِمَا يُرِيدُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم -. طرفاه ٣١٤، ٧٣٥٧ - تحفة ١٧٨٥٩