للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

دناءةٌ، ولا نعطي الدنية في دِيننا، فإِنَّ القَتْلَ يُعدُّ جرأةً وشجاعةً، بخلاف السَّرِقة، والانتهاب، فإِنَّه يُعد لُؤمًا؛ نعم لو نبذنا إليهم في حقَ الأموال أيضًا لارتفع عن الأموال أيضًا، إلا أنه ينبغي أن يكون على سواء، ليكون وفاءً لا عَذْرًا.

وفي حديث «أن كافرًا أمن، واعتمد على مسلم بدون معاهدة وموادعةِ بينهما، لا ينبغي للمُسْلم (١) أن يقتله». ولما غَلِط الناسُ في لفظ «أمن». وزعموه صيغةَ ماضٍ من الإِيمان. أشكل عليهم مبرادُه، والصواب ما قلنا: إنه مِن الأَمْن، وقد استُفْتيت مرةً في كشمير أن مِلكَهم قد حبس الناس عن الصحراء، وجعلها حِمىً لنفسه، فهل يجوزُ للمسلمين أن يأخذوا منها الخشب لبناء المسجد؟ فأجبت عنه أنه إنْ فَعَلَه أحدٌ، وبنى مسجدًا جاز، لأن خشب الصحراء مباحُ الأصل، والحبس عنه غَصْب، فلا يفيد له مِلكًا، فلا يكون الأخَذْ سرقةَ، أو تملُّكًا لمال الغير، ولكنه من باب الإِحراز مما هو مباح الأصل؛ والمسألة فيه أنه يكون لِمن سبقت يده إليه، وما في الفِقْه أنَّ المِلْك يَحْصُل للكفار بعد الاستيلاء على أموال المسلمين، فذلك في أَوان الحرب، أما إذا وضعت الحربُ أوزارَها فلا، فإِنَّه حينئذٍ إلا غَصْبًا. فإِنَّ ما خلقه اللهُ مباحَ الأصل، ليس لأحدٍ أن يمنع عنه خَلْقَ اللهِ، فأدرك الفَرْقَ بين المسألتين، ولا تخبط خَبْطَ عشواء. ولا تُمار بعد ما تبين ثورٌ من حِرًا.

١٥٢ - باب إِذَا حَرَّقَ الْمُشْرِكُ الْمُسْلِمَ هَلْ يُحَرَّقُ

٣٠١٨ - حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِى قِلَابَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - أَنَّ رَهْطًا مِنْ عُكْلٍ ثَمَانِيَةً قَدِمُوا عَلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَاجْتَوَوُا الْمَدِينَةَ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ، ابْغِنَا رِسْلًا. قَالَ «مَا أَجِدُ لَكُمْ إِلَاّ أَنْ تَلْحَقُوا بِالذَّوْدِ». فَانْطَلَقُوا فَشَرِبُوا مِنْ أَبْوَالِهَا وَأَلْبَانِهَا حَتَّى صَحُّوا وَسَمِنُوا، وَقَتَلُوا الرَّاعِىَ، وَاسْتَاقُوا الذَّوْدَ، وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلَامِهِمْ، فَأَتَى الصَّرِيخُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم -، فَبَعَثَ الطَّلَبَ، فَمَا تَرَجَّلَ النَّهَارُ حَتَّى أُتِىَ بِهِمْ، فَقَطَّعَ أَيْدِيَهُمْ وَأَرْجُلَهُمْ، ثُمَّ أَمَرَ بِمَسَامِيرَ فَأُحْمِيَتْ فَكَحَلَهُمْ بِهَا، وَطَرَحَهُمْ بِالْحَرَّةِ، يَسْتَسْقُونَ فَمَا يُسْقَوْنَ حَتَّى مَاتُوا. قَالَ أَبُو قِلَابَةَ قَتَلُوا وَسَرَقُوا وَحَارَبُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ - صلى الله عليه وسلم - وَسَعَوْا فِى الأَرْضِ فَسَادًا. أطرافه ٢٣٣، ١٥٠١، ٤١٩٢، ٤١٩٣، ٤٦١٠، ٥٦٨٥، ٥٦٨٦، ٥٧٢٧، ٦٨٠٢، ٦٨٠٣، ٦٨٠٤، ٦٨٠٥، ٦٨٩٩ - تحفة ٩٤٥

[١٥٣ - باب]

٣٠١٩ - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَأَبِى سَلَمَةَ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -


(١) يقول العبد الضعيف: وفي تقرير مولانا الفاضل عبد القدير: قال محمد في "الجامع الصغير": إن الكافِرَ إذا كان معتمِدًا على المسلم، وفي الوثوق منه على عدم الإِيذاء، فالقتل بعد ذلك موجِبٌ للوعيد؛ نعم إذا أراد القتل فعليه نَبْذُ الأمْن علانية اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>