٣٦٥ - قوله:(إذا وَسَّع الله فأَوسعوا) رُوي عن عمر رضي الله عنه أنه قال: «أن الْبَسُوا من الثياب عند صلواتكم، ما تحبون أن تكونوا فيها في مجالسكم، فإِن كان يعتادُ في مجالسها بالثيابِ الرفيعة يُستحب له أن يُصليَ فيها. وحاصلهُ: أن يتجَمَّل لقيامه بين يدي ربه كما يتجملُ لحضورهِ في مجالسه.
وكان مالك رحمه الله تعالى يهتمُّ بمجالسِ الحديث، ما لا يهتمُّ لغيرها.
نُقل أن الشافعي رحمه الله تعالى أراد أن يستفيد منه، فحفظ «الموطأ» في ثلاثة أيام، واستشفع إليه بحاكم مكة شرفها الله، فكتب حاكمُ مكةَ إلى نائبه في المدينة أن يذهبَ معه إلى مالكٍ ويشفعَ له، وقال للشافعي رحمه الله تعالى في الطريق: إني شافعٌ، ولكني لا أدري هل أشفع أم لا؟ فإن مالكًا من أغنى الناس نفسًا، فلما بلغَ إليه وباحَ بحاجته أجازَ له أن يجلسَ في حلقته، وقال: ليس لي فُرصة غير ذلك. ولم يُرخص له الاستفادة في الخارج، فقبِلَه الشافعي رحمه الله تعالى وقعد إليه. فلما كان من الغد قرأ الشافعي رحمه الله تعالى عبارةَ «الموطأ»، فلما قرأهُ عَرَفَ مالكٌ رحمه الله تعالى أنه رجلٌ، فقرأ الثاني والثالث فقال له مالك: ادخل عليَّ متى شئت وسل عما شئت، فأقام الشافعي رحمه الله تعالى عنده مدةً، فلما استرخَصَ منه أعطاه مالكٌ رحمه الله تعالى فرسًا وشَيَّعَه على أرجله - فإنه لم يكن ينتعلُ بالمدينة ولا يركبُ فيها، مخافةَ أن تقعَ قدمُهُ على موضعٍ وقعت قدم النبي صلى الله عليه وسلّم عليها - وودَّعه أحسن توديع.
ونقل أيضًا أن مالكًا كان إذا جلس للتحديث جلس في أحسن ثيابه متطيبًا، وقِصصه في ذلك معروفة. وبالجملة ما أحسن بالرجل أن يعبدَ ربَّه في أحسن ثيابه إذا قدر.
قوله:(جمع رجل) ... إلخ ولم يذكر فيه العِمَامة، وفي فقهنا العمامة أيضًا.