وفي نسخة: وقبلها، واختلفوا فيه، فقيل: لا يتطوع أصلا لا قبل المكتوبة ولا بَعْدَها، لأَنَّ المكتوبة إذا قُصِرت في السفر، فَتَرْك التطوع أَوْلى. وقيل: يُصلِّي البعدية دون القَبْلية. وذلك لأنَّ القَبْلة كانت تُؤدَّى في البيت، بخلاف البعدية فكانوا يَرَوْنه يصليها فلم يَسَع منهم نَفْيُها (١)، بخلاف القَبْلية فإنهم إذا يَرَوْه يصلِّيها حملوها على التَرْك. وقيل: بالفرق بين النهارية والليلية، فيصلِّي التهجُّد فقط. وقال محمد بن الحسن رحمه الله تعالى: يَتْرُكُهَا إن كان سائرًا، ويصلِّيها إن كان نازلا. وَمَنْ ذهب إلى إتيانِ الرواتب في السَّفَر قال: إن الرواتِبَ كانت من أَصْلِها منحطة عن المكتوبات، ولا تضاهيها، فلا يلزم بالقَصْر في المكتوبات تَرْك التطوع. فلو قلنا بإتيانها مع القَصْر في المكتوبات لم يلزم الخُلْف.
قلتُ: وقد روى ابنُ أَبي ليلى عند الترمذي مرفوعًا: «أن ابنَ عَمرَ رضي الله تعالى عنه صلَّى مع النبيِّ صلى الله عليه وسلّم الظُّهر في السفر ركعتين، وبعدها ركعتين». قال أبو عيسى. وسَمِعْت محمدًا يقول: ما روى ابنُ أبي ليلى حديثًا أعجبُ إليَّ من هذا، فلا ينبغي إنكارُها مطلقًا، نعم لم يثبت عنه السُّننُ في الصِّحاح. والعمل عندي على ما قاله محمدُ بن الحسن رحمه الله تعالى.
قوله:({أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ})[الأحزاب: ٢١] أي فِعْلا وتركًا. والأُسْوة صفةٌ مشبَّهة، وترجمته (بيشوا). فهو من باب التجريد على حَدِّ قوله: لقيت من فلانٍ بحرًا. فالبحر مأخوذ منه، والاثنيين ههنا تخييلية بأَخْذ الشيءِ من ذلك الشيء بعينه.
١١٠٢ - قوله:(صَحِبْتُ رسولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلّم فكان لا يزيدُ في السَّفَر على ركعتين وأبا بكر وعمرَ وعُثْمَانَ كذلك) وإنما لم يذكر عليًا لأنه بعد البَيْعة ذهب إلى الكوفة، فأين كان يَصْحبه ثُم الظاهر أنَّ قول ابن عمر رضي الله تعالى عنه هذا في بيان القَصْر لا في بيان تَرْك السُّنَن.
١٢ - باب مَنْ تَطَوَّعَ فِى السَّفَرِ فِى غَيْرِ دُبُرِ الصَّلَوَاتِ وَقَبْلَهَا وَرَكَعَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - رَكْعَتَىِ الْفَجْرِ فِى السَّفَرِ
١١٠٣ - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَمْرٍو عَنِ ابْنِ أَبِى لَيْلَى قَالَ مَا أَنْبَأَ أَحَدٌ أَنَّهُ رَأَى النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - صَلَّى الضُّحَى غَيْرُ أُمِّ هَانِئٍ ذَكَرَتْ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ اغْتَسَلَ فِى بَيْتِهَا، فَصَلَّى ثَمَانِ رَكَعَاتٍ، فَمَا رَأَيْتُهُ صَلَّى صَلَاةً أَخَفَّ مِنْهَا، غَيْرَ أَنَّهُ يُتِمُّ الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ. طرفاه ١١٧٦، ٤٢٩٢ - تحفة ١٨٠٠٧