٩١٠ - قوله:(فَصَلَّى ما كُتِبَ لَهُ) وتَمَسَّك به الحافظ ابن تيمية على نَفْي السُّنَنِ القبلية يوم الجمعة، وأنه لا تحديدَ فيها، بل هي في خِيرَةِ الرَّجُل كم أَدْرَكَ صَلَّى. قلت: ولنا ما في قِصَّة سُلَيْك: «أركعت الركعتين قبل أن تجيءَ» - بالمعنى - كما عند ابن ماجه وسنذكره. فهو مَحْمُولٌ على السُّنةِ القَبْلية دونَ تحيةِ المسجد.
٩١٢ - حَدَّثَنَا آدَمُ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى ذِئْبٍ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ كَانَ النِّدَاءُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ أَوَّلُهُ إِذَا جَلَسَ الإِمَامُ عَلَى الْمِنْبَرِ عَلَى عَهْدِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَأَبِى بَكْرٍ وَعُمَرَ - رضى الله عنهما - فَلَمَّا كَانَ عُثْمَانُ - رضى الله عنه - وَكَثُرَ النَّاسُ زَادَ النِّدَاءَ الثَّالِثَ عَلَى الزَّوْرَاءِ. أطرافه ٩١٣، ٩١٥، ٩١٦ - تحفة ٣٧٩٩
كان الأذانُ في عهد النبيِّ صلى الله عليه وسلّم وصاحبيه واحدًا، ولَعلَّه كان خارجَ المسجد كما عند أبي داود، فإِذا كَثُر الناسُ زاد عثمانُ أذانًا آخر على الزَّوْرَاء خارجَ المسجد، ليمتنعَ الناسُ عن البيع والشراء.
والظاهر أن الأذان الثاني وهو الأول انتقل إلى داخلِ المسجد، ثم الأُمة أخذت بِفِعْله وتعاملوا به واحدًا بعد واحدٍ، إِلا ما نَقَلَ أَبو بكر بن العربي رحمه الله تعالى عن بعض أَهل المغرب: أَنه لا تَأَذينَ عندهم غير مرة واحدة. ثم إذا تَسَلَّط بنو أمية نقلوا الثالث على المنارة، والذي كان على عهد النبيِّ صلى الله عليه وسلّم جعلوه في المسجد -أمام الإِمام- (١) ولم أجد على كون هذا
(١) قال القاضي أبو بكر بن العربي: كان على عهدِ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أَذانان، فلما كَثُر النَّاسُ زمنَ عثمانَ زاد النداء الثالثَ لِيُشْعِرَ الناسَ بالوقت فيأخذوا في الإقبال إلى الجُمعةِ، ثم يخرجُ عثمانُ رضي اللهُ عنه، فإذا جلس على المنبر أَذَّن الثاني الذي كان أولًا على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ثم يخطب فيؤذن الثالث لإِقامة الصلاة -فأما في المشرق فيؤذن كأذان قرطبة، وأما بالمغرب فيؤذن ثلاثة من المؤذنين لِجَهْل المفتين، فإِنَهم لما سمعوا أنها ثلاثةُ لم يفهموا أن الإِقامة هي النداء الثالث، فجمعوها وجعلوها ثلاثةً غفلةً وجهلًا بالسنة. انتهى مختصرًا، وحينئذٍ فما في الصُّلْب من كلام الشيخ لعَلَّه سهوٌ من قلمي.