للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الغِيبة، ونحوه: ذو اليدين، كما في الحديث، فإنَّه كان رجل يزاول الأمور بيديه، فاشتُهر بذي اليدين. وعامة الناس يستعملون أيمانهم، ويتركون شمائلهم في عامة الأفعال. ثم إن بعض تلك الأسامي عجيب، كالضعيف، فإنَّه اسم لراو، مع كونه ثقة عندهم، وإنما كان اشتهر عندهم بالضعيف، لكونه ضعيفًا في الأمور الدنيوية، وإلا فلا وجه له، وكذا: ضال، اسم لراو آخر، مع كونه طيبًا، وثقةً عندهم.

٤٦ - باب الْغِيبَةِ

وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ} [الحجرات: ١٢].

٦٠٥٢ - حَدَّثَنَا يَحْيَى حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنِ الأَعْمَشِ قَالَ سَمِعْتُ مُجَاهِدًا يُحَدِّثُ عَنْ طَاوُسٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى قَبْرَيْنِ فَقَالَ «إِنَّهُمَا لَيُعَذَّبَانِ، وَمَا يُعَذَّبَانِ فِى كَبِيرٍ، أَمَّا هَذَا فَكَانَ لَا يَسْتَتِرُ مِنْ بَوْلِهِ، وَأَمَّا هَذَا فَكَانَ يَمْشِى بِالنَّمِيمَةِ». ثُمَّ دَعَا بِعَسِيبٍ رَطْبٍ، فَشَقَّهُ بِاثْنَيْنِ، فَغَرَسَ عَلَى هَذَا وَاحِدًا وَعَلَى هَذَا وَاحِدًا ثُمَّ قَالَ «لَعَلَّهُ يُخَفَّفُ عَنْهُمَا، مَا لَمْ يَيْبَسَا». أطرافه ٢١٦، ٢١٨، ١٣٦١، ١٣٧٨، ٦٠٥٥ - تحفة ٥٧٤٧

وتعريفها بأوجز الكلمات، مع فخامة المعنى ما عند الترمذي: أنها ذِكركَ أخاك بما يكره. وقد ذكر الشامي فيهال المستثنيات، وملخصًا يرجع عندي إلى كلمة واحدة، وهي أنَّ الغيبة هي التي كانت لتبريدِ الصدر (١)، والتلذذ بها، وجعلها شغلًا. أما إذا كان بصدد ذكر حوادث الأيام، وصروفها، فذكر فيه أشياء، لا يكون من الغيبة المحظورة، ولذا ترجم البخاري بعده: باب ما يجوز من اغتياب أهل الفساد والرِّيب.

*شر الورى بمساوى الناس مشتغل، ... مثل الذباب يراعي موضع العلل

٦٠٥٢ - قوله: (وأما هذا فكان يمشي بالنميمة) وإنما أتى بحديث النميمة، مع كون الترجمة في الغيبة، لكونهما متقاربتين، ولأن في بعض الألفاظ لفظ: الغيبة أيضًا.

قوله: (ثم دعا بعسيب رطب، فشقه اثنين) وفي بعض الروايات أنه دعا بعسيبين. قلتُ: والأدخلُ في الإِعجاز هو شقُّه، ثم غرزُه.

٤٧ - باب قَوْلِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -: «خَيْرُ دُورِ الأَنْصَارِ».

٦٠٥٣ - حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِى الزِّنَادِ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ أَبِى أُسَيْدٍ السَّاعِدِىِّ قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «خَيْرُ دُورِ الأَنْصَارِ بَنُو النَّجَّارِ». أطرافه ٣٧٨٩، ٣٧٩٠، ٣٨٠٧ - تحفة ١١٢٠٠


(١) وراجع له شرح علي القاري "للشمائل" من حديث: "بئس أخو العشيرة"، وهو مهمٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>