ومن لا يرى العملَ بحديثٍ ببلدة صاحب ذلك الحديث، مع وفور داعية العمل، حقَّ له أن يتردَّدَ لأجله في الحديث، ويتركه بهذا التعامُل. فإن العاملين هم حاملو الحديث، فإذا تركوا به العملَ هؤلاء، فمن دونهم أوْلَى، فذاك أمرٌ معقولٌ ليس مما يُلام عليه. وكذلك كون حدِّ التفرُّق مجهولًا أيضًا صحيحٌ، ثم تعيينه من نحو تبسط في الكلام، مما لا يعجز عنه الفحول، وأن بعضكم ألحن بحجته من بعض، ثم رأيت كلامَ أبي بكر الرازي في "الأحكام"، فاتَّضَحَ منه كلام مالك، قال: وَيدُلُّ عليه من جهة النظر أن المَجْلِسَ قد يَطول وَيقْصُر، فلو علَّقنا وقوعَ المِلْكِ على خِيَارِ المَجْلِسِ، لأوجب بُطلَانَة لجهالة مدَّة الخيار الذي عُلِّقَ عليه وقوع المِلْكِ. ألَا ترى أنه لو باعه بيعًا باتًا، وشَرَطَا الخيارَ لهما بمقدار قعود فلان في مجلسه، كان البيعُ باطلًا، لجهالة مدَّة الخِيَارِ الذي عُلِّقَت عليه صحة العقد. والله أعلم بالصواب.