وهذا الذي تَلَوْنا عليك من مذهب المصنِّف رحمه الله تعالى، هو عند الشيخ بدر الدين العَيْني رحمه الله تعالى، فاختار أن الاقتداءَ عنده مُسَلْسَلٌ، يقتدي الصف الثاني بالأول، ثم وثم. ونُسِبَ إلى الشَّعْبِي وابن جَرِير أيضًا. وصرَّح البخاري في «جزء القراءة». أن الركعة لا تُدْرَك بإدراك الركوع. وعلى هذا، فلو اقتدى رجلٌ برجلٍ بركوعه يَصِحُّ اقتداؤه به، ولا يُعَدُّ مُدْركًا للركعة.
قلتُ: وما نَسَبَه إليه العَيْنيُّ رحمه الله من تَسَلْسُل الاقتداء، لا يجب أن يكونَ مختارًا له، ولعلَّه اتَّبَعَ في وضع الترجمة لفظ الراوي، ولم يُرِدْ التنبيه على التَّسَلْسُل.
قوله:(ائْتَمُّوا بي ولْيَأْتَمَّ بكم مَنْ بَعْدَكم). أخذه البخاري في الإمامة والاقتداء في الصلاة، فمعناه عنده. ولْيَأْتَمَّ بكم من بَعْدَكم من الصفوف. وقال الجمهور: إن الائتمام في تعليم الدين، فاقتدوا أيُّها الصحابة أنتم بي، وليقتدِ الذين بَعْدَكم فيما يأتي من الزمان بكم، وهكذا كل خَلَفٍ يقتدي بسَلَفِهِ، وليس المراد به إمامة الصلاة والاقتداء فيها خاصة.
٧١٣ - قوله:(فلَّما دَخَلَ في الصلاة، وَجَدَ رسول الله صلى الله عليه وسلّم في نفسه خِفَّةً، فقام ... ) الخ، وهذا أَصْرَح في أن النبيَّ صلى الله عليه وسلّم خَرَجَ إليهم في العشاء.
والبكاء إذا كان من وَجَعٍ أو مصيبةٍ يُفْسِدُ، وإن كان من ذِكْرِ الجنة أو النار فهو مطلوبٌ. وقد ثَبَتَ البكاء في الصلاة مرفوعًا، وإنما أخرج المصنِّف رحمه الله تعالى أثر عمر رضي الله عنه، لأن المرفوعَ لم يكن على شرطه.
قوله:(وقال عبد الله بن شَدَّاد) وهذا هو صحابي صغير السن، نَكَحَ حَمْزةُ رضي الله عنه أمَّه، وهو الذي يروي حديث:«من كان له إمام، فقراءة الإمام له قراءة»، فلا أقل من أن يكون حديثه مرسل صحابي، مع أنه قد ثَبَتَ مرفوعًا أيضًا، وحقَّقناه في رسالتنا «فصل الخطاب».