لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} للجِنْس، واعترَضَ عليه التفتازاني أنه مِن نَزْغة الاعتزال. قلتُ: غَفَل التفتازاني عن مذهبه، فإِنَّ الاستغراقَ ليس من معاني اللام عنده أَصْلا، ولذا لم يأخذها للاستغراقِ في سائر كتابه. أما الاستغراقُ في قوله تعالى:{الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} فإِنَّما حدث مِن أجل أَنَّ جِنْس الحمد إذا انحصر في الله تعالى، وانتفى عن غَيْره، لَزِم الاستغراقُ لا محالةَ، فهو عنده لُزومي، لا أَنَّه من مدلول اللام. ومِن ههنا ظهر الجوابُ، عَمَّا أرادُوا عليه أنَّ اللام في قوله تعالى: {إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (٢)} ... إلخ، لو لم تكن للاستغراقِ لم يَصِحَّ الاستثناءُ بعده، وذلك لأنَّه لم يُنْكر نَفْس الاستغراق، بل أَنْكَر كونَه مدلولًا للام. فالفَرْقُ أنَّ المفردَ المُحلَّى باللام، يُفيدُ الاستغراق عند جماعةٍ، وهو مدلولُه، بخلافِه عند الزمخشريِّ، فإِنَّه من لوازم الحَصْر، لا مِن مدلولِ الحَرْف.
قوله:(كَسَرَت ثِنِيَّةَ جَارِيةٍ) وفي بعض الروايات أنها كَسَرت ثَنِيَّة رَجُلٍ، فما لم يَتَعَيَّن أنَّ المَجْني عليه كان رَجُلًا أو امرأة، لم يَصْلُح أن يقومَ حُجَّةً على الحنفية، في أنه لا قِصاص بين الرجل والمرأة في الأطراف؛ ومِن ههنا سَقَط إيرادُ ابن حَزْم (١).