قلتُ: ولا أدري ماذا أَفْحَمَ التُّسْتُري، وأين اللعين من قوله تعالى؟ فإنه ليس فيه إلَاّ بيان سَعَتِهَا، لا حكم بالرحمة، فهو على حَدِّ قولك: هذه الدارُ تَسَعُ ألفَ رجلٍ، ولو لم يَدْخُلْ فيها واحدٌ، ففيه بيان لَسِعَتِهَا، لا حكم بكون هذا العدد فيها بالفعل. فرحمةُ اللَّهِ أيضًا وَسِعَتْ العوالمَ كلَّها، وهذا اللعينُ أيضًا. فلو أَرَادَ الدُّخُولَ فيها، لم يَجِدْ فيها ضيقًا، ولكن الشقيَّ إذا حَجَرَ نفسَهُ عنها، ولم يَدْخُلْها، فما ذنبُ الرحمة؟ {أَنُلْزِمُكُمُوهَا وَأَنْتُمْ لَهَا كَارِهُونَ}[هود: ٢٨].